في ذكرى هروب "بن علي": تونس على حافة الاستبداد أو

في ذكرى هروب "بن علي": تونس على حافة الاستبداد أو عدم الاستقرار

الساعة : 15:00
20 يناير 2022
في ذكرى هروب

الحدث:

خيّم التوتر مجددًا على المشهد التونسي عقب وفاة متظاهر على خلفية إصابته، أثناء تصدي قوات الأمن لتظاهرات بمناسبة الذكرى الـ11 لهروب الرئيس السابق، زين العابدين بن علي، مستخدمةً الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريقهم، إلى جانب ضربهم بالهراوات، بعد أن  تم إغلاق مداخل العاصمة بالكامل بالحواجز الحديدية، ما أدى لإصابة عدد من المحتجين بالاختناق والإغماء. وعقب التظاهرات، شنّت قوات الأمن حملة اعتقالات طالت أكثر من 40 شخصًا، فيما زعمت السلطات ضبط أشخاص بحوزتهم مبلغ مالية  لتوزيعها بقصد القيام بأعمال شغب وتخريب خلال الاحتجاجات. وحمّلت ثلاثة أحزاب تونسية؛ "حزب التيار الديمقراطي" و"الحزب الجمهوري" و"التكتل من أجل العمل والحريات"،  الرئيس، قيس سعيد، ووزير الداخلية، توفيق شرف الدين، المسؤولية عما اعتبرتها "انتهاكًا" للحقوق السياسية والتضييق على الحريات العامة والفردية منذ "الانقلاب على الدستور".

وفي تطور لاحق، أصدر "سعيّد"، مساء الأربعاء، مرسومًا ينص على "وضع حد للمنح والامتيازات" المخولة لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء، (هيئة دستورية معنية بمراقبة حسن سير القضاء واستغلال السلطة القضائية)، في أحدث تصعيد من الرئيس تجاه السلطة القضائية. وفي رده على القرار، حذر رئيس المجلس، يوسف بوزاخر، من أن "يكون هذا الأمر الرئاسي وسيلة للضغط على المجلس الأعلى للقضاء".

الرأي:

تؤكد هذه التطورات أن البلاد تتجه لصدام واسع بين الرئيس والقوى السياسية التي انفض أغلبها عن دعمه، كما تشير إلى أن خيار القمع الأمني يتجه لمستويات أوسع غابت عن تونس منذ سقوط نظام "بن علي". ولا شك أن قمع التظاهرات باستخدام مفرط للقوة يعكس تردي حالة حرية التعبير، وهو ما سيرفع منسوب التوتر بين القوى المعارضة والقوات الأمنية، التي تبدو خاضعة للرئيس أو متوافقة مع أجندته. ولا يتوقف الأمر عند االصدام مع القوى السياسية، بل يتجه الرئيس دون تردد نحو صدام أوسع مع القضاء، سيما على ضوء تصريحات له بأن القضاء "وظيفة من وظائف الدولة"، وتلميحه إلى حل المجلس الأعلى للقضاء. ومعلومٌ أن هذا يهدد استقلالية القضاء بصورة معلنة، وهو ما سيزيد من تأزم المناخ السياسي في البلاد ومن ثم سيرفع من مستوى المخاطر الأمنية بصورة عامة.

في هذا الإطار، سيستمر "سعيد" في برنامجه السياسي وإجراءات مركزية السلطة في قبضته، مستندًا إلى قبضة أمنية متنامية. كما إن عودة الأجهزة الأمنية كطرف في الصراعات السياسية والتجاذبات الحزبية، والدفع بها إلى مواجهات مع الشعب مجددًا، تمثل دون شكّ انتكاسة للإصلاحات التي استهدفت المؤسسة الأمنية طوال سنوات ما بعد الثورة. وعليه، فثمة خطر من أن يؤدي هذا القمع المفرط وتزايد الاعتقالات التعسفية وزيادة منسوب التوتر، إلى دخول تونس حقبة جديدة من الاستبداد أو عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي.