الحدث:
بعد مضي ساعات من نشر صحيفة "كيهان" الإيرانية "مانشيت" بعنوان "أخلوا أبراج الأمارات التجارية.. صواريخ أنصار الله قادمة"، شن الحوثيون ليلة الـ24 من كانون الأول/ يناير الجاري هجومًا صاروخيًا على أبوظبي ودبي، وفقًا لبيان عسكري صادر عنهم، فيما أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية التصدي لصاروخين باليستيين فوق أبوظبي، ثم تدمير مقاتلاتها الحربية لمنصة الصواريخ الحوثية التي أطلقت الصواريخ على الإمارات.
الرأي:
من الواضح أن تزامن الهجوم الحوثي ضد أبوظبي مجددًا مع تحذير صحيفة "كيهان" بوقوعه، وتزامن الهجوم على مطار أبوظبي بطائرات مسيرة قبل أسبوع مع زيارة الناطق باسم حركة "أنصار الله" الحوثية، محمد عبدالسلام، إلى طهران، يرسل رسالة من طهران بأنها سمحت بتلك الهجمات، أو على الأقل لا تعارضها، رغم أجواء التقارب وخفض التوتر مؤخرًا بين طهران وأبوظبي، والتي ساهمت في تعزيزها زيارة مستشار الأمن الوطني، طحنون بن زايد، في كانون الأول ديسمبر الماضي إلى إيران، وحديث مصادر إيرانية عن زيارة وشيكة للرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى الإمارات.
فقد كشفت هجمات الحوثيين المتواصلة على أبوظبي هشاشة التقارب الإماراتي الإيراني، ووجود تحديات كبيرة أمام نجاحه؛ حيث أصبح مستقبله أمام مسارين:
الأول: أن تدفع تلك الهجمات الإمارات مجددًا إلى تأكيد سياسة التقارب مع إيران وتجنب المواجهة، بهدف تقديم طهران ضمانات بمنع الحوثيين عن تكرار هجمات شبيهة. وبذلك تكون طهران قد نجحت في استخدام "سياسة العصا" في تطويع الإمارات، عبر تهديد الصورة التي رسمتها أبوظبي لنفسها كواحة للاستقرار والاستثمار والسياحة في منطقة الخليج.
الثاني: تدهور العلاقات الإيرانية الإماراتية واعتماد أبوظبي أكثر على علاقاتها المتنامية مع "إسرائيل"، وربما طلب منظومة القبة الحديدية وغيرها من منظومات الدفاع الصاروخي، وتكثيف الغارات ضد الحوثيين لإقناعهم بأن ثمن الهجوم على أبوظبي أكبر من أي مكتسبات يمكن أن يحققوها. هذا، إضافةً إلي السعي لتصنيفهم مجددًا ضمن قوائم الإرهاب دوليًا، وهو ما يرسل رسالة لطهران بأن الهجوم على أبوظبي سيدفعها للجوء إلى خيارات أخرى، لا تراعي المصالح الإيرانية أو مصالح حلفاء إيران بالمنطقة.
ولعل تأجيل زيارة "رئيسي" إلى الإمارات أو إتمامها سيوضح إلى أي المسارين ستتجه العلاقات الإيرانية الإماراتية في الأمد القريب. لكننا بصورة عامة ما زلنا نرجّح أن الإمارات لن تغير جوهر نهج سياستها الخارجية الحالي، القائم على احتواء التوترات وتجنب تصعيد المواجهات في المنطقة عمومًا، والانخراط في علاقات تجارية تزيد من تعزيز المصالح المشتركة.