انسحاب تركيا من معاهدة "القوات المسلحة التقليدية في أوروبا" سيخدم خطط استقلالها العسكري

الساعة : 14:30
16 أبريل 2024
انسحاب تركيا من معاهدة

الحدث:

أصدرت تركيا قرارًا رئاسيًا نُشر في الجريدة الرسمية يقضي بالانسحاب من معاهدة "القوات المسلحة التقليدية في أوروبا"، اعتبارًامن الثامن من نيسان/ أبريل الجاري، والتي انضمت إليها عام 1992.

الرأي:

تعتبر معاهدة "القوات المسلحة التقليدية في أوروبا" إحدى موروثات نهاية حقبة الحرب الباردة؛ ففي تلك الآونة انتشرت طموحات بقرب حلول عصر السلام الدولي، فوقّعت العديد من الدول الأعضاء في حلف "الناتو" معاهدة عام 1990 مع الدول الأعضاء بحلف "وارسو"، تقضي بإطْلاع كل منهما الآخر على أماكن تخزينه للأسلحة التقليدية، وإبلاغ كل منهما للآخر بتحركات قطعه العسكرية، مع تقييد كل جانب حجم خمس فئات من الأسلحة التقليدية، هي المركبات القتالية المدرعة والدبابات القتالية والطائرات الحربية والمدفعية والمروحيات الهجومية. وإثر تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار حلف "وارسو" انضمت تركيا للمعاهدة عام 1992.

وقد دقت روسيا المسمار الأول في نعش المعاهدة المذكورة عبر شنها الحرب على أوكرانيا عام 2022، ثم بانسحابها رسميًا من المعاهدة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023. وتبع ذلك تعليق حلف "الناتو" للمعاهدة وإعلانه أن أعضاءه الموقعين عليها جمدوا مشاركتهم. وضمن هذا السياق، انسحبت تركيا من المعاهدة المذكورة، في ظل أجواء تندفع فيها الدول الأوروبية لزيادة إنفاقها العسكري، وفي مقدمتها ألمانيا ودول شرق أوروبا.

ورغم أن المعاهدة استهدفت بالأساس خلق توازن سلام بين "الناتو" وأعدائه، فإن اليونان تأتي في قائمة الدول القلقة من القرار التركي في ظل الملفات العالقة بين الجانبين، خصوصًا ملف قبرص وجزر بحر إيجه وترسيم الحدود البحرية بين الدولتين. من جهتها، تنشغل تركيا بملفات أخرى ذات أبعاد أمنية وعسكرية، مثل مواجهة "حزب العمال الكردستاني" شمال شرق سوريا وشمال العراق، والانخراط التركي عسكريًا في الصومال وأذربيجان وليبيا، وهو ما يتطلب منها تطوير قدراتها العسكرية من حيث التقنية وحجم التسليح، وبالتالي فإن الانسحاب من المعاهدة يتيح لتركيا تعزيز مخزونها من المعدات العسكرية، وفق احتياجاتها وقيود الميزانية دون مراعاة المعاهدة التي كانت تضع قيودًا على زيادة حجم تسليحها.

من ناحية أخرى، تستفيد أنقرة من الصراعات بين القوى الكبرى في إيجاد فرص لتطوير قدراتها الذاتية، وتمرير خيارات من الصعب تمريرها في حال التوافق بين تلك القوى، وذلك بهدف مراكمة القوة وامتلاك بنية عسكرية كبيرة ومتطورة وأكثر استقلالًا، تتيح لها التصدي للتهديدات التي تحيط بها على امتداد حدودها الملتهبة وجوارها الإقليمي المليء بالصراعات.