المصدر: مسجاف إنستيتيوت
ترجمة: صدارة للمعلومات والاستشارات
يمثل سقوط نظام "الأسد"، إضافةً إلى الضربات الحاسمة التي وجهتها "إسرائيل" إلى "حزب الله" و"حماس" والحوثيين، ومع وجود رئيس أمريكي جريء منفتح على مبادرات مبتكرة، فرصة تاريخية لإحداث تغيير جذري في الشرق الأوسط. ويكمن مفتاح تحقيق هذا التغيير الجذري في إظهار القوة ضد الأعداء المحيطين، وإثبات القيمة الاستراتيجية لـ"إسرائيل" بالنسبة للولايات المتحدة، وبناء تحالف من الدول المعتدلة، وتحديد هدف وطني واضح، وممارسة كل أنواع الضغط الممكنة، بما في ذلك التهديد العسكري، للإطاحة بالنظام الإيراني وإدخاله إلى ذاكرة التاريخ مع نظام "الأسد". ومن هنا، فإن تفكيك النظام الإيراني قد يمهد الطريق لتطبيع العلاقات بين "إسرائيل" والعالم العربي والإسلامي بصورة أوسع.
بدوره، سيدخل "ترامب" البيت الأبيض ملتزمًا بإنهاء الحروب وليس بدئها، ومع ذلك فهو مستعد لتعزيز حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وعلى رأسهم "إسرائيل"، حتى يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم، وبالتالي فإن الدعم الأمريكي سيضعف محور إيران-الصين-روسيا، ما سيعزز الاستقرار المستدام ويوسع "اتفاقيات أبراهام".
إن تصريحات "ترامب" الأخيرة بشأن الشرق الأوسط تعكس مبادئه؛ التمييز بين الحلفاء والأعداء، وتقدير الدول التي تحقق انتصارات وتضعف أعداءها، ورفض الحروب الطويلة ذات الخسائر الفادحة على كلا الجانبين. وعليه، يجب على "إسرائيل" أن تتحرك بحزم لتحقيق أهدافها ضد أعدائها في أسرع وقت ممكن:
- ففي غزة يجب عليها تفكيك "حماس" كقوة عسكرية وحاكمة، مع ضمان أن المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع لا تقع تحت سيطرتها،
- وفي الوقت نفسه يجب أن يقابَل أي انتهاك لوقف إطلاق النار من قبل "حزب الله" بتحميله ثمنًا باهظًا.
- يجب على "إسرائيل" أن تُظهر قيمتها الاستراتيجية للولايات المتحدة، بما يتماشى مع أجندة "ترامب": "أمريكا أولًا"؛ ويمكن تحقيق ذلك من خلال التعاون الوثيق مع واشنطن لبناء أطر عسكرية واقتصادية إقليمية جديدة بالمنطقة، خصوصًا مع دول "اتفاقيات أبراهام" والشركاء الإقليميين الآخرين، ما يخلق توازنًا ضد النفوذ الصيني المتنامي في الشرق الأوسط.
- يجب على "إسرائيل" أيضًا أن تعمل من موقع قوة وشجاعة وإصرار غير قابل للتنازل لتحقيق مصالحها الحيوية.
وبالتالي، فإن المحللين الذين يحثّون "إسرائيل" على تقديم تنازلات للفلسطينيين مقابل الدعم الأمريكي في اتفاقيات التطبيع، يخاطرون بإظهار "إسرائيل" على أنها ضعيفة وأنها عبء على واشنطن، وليست طرفًا أصيلًا في منطقة الشرق الأوسط.
على جانب آخر، تتطلب إعادة تشكيل الشرق الأوسط معالجة النظام في طهران؛ حيث يجب أن تتبنى "إسرائيل" ذلك كهدف وطني يتفق عليه الجميع، ولضمان مستقبل مشرق لـ"إسرائيل"، يجب أن يتحد المواطنون "الإسرائيليون" واليهود في الشتات حول هدف واحد محوري هو سقوط النظام الإيراني، فهذه اللحظة أقرب من أي وقت مضى. وكما فشلت وكالات الاستخبارات الغربية في التنبؤ بالتطورات في مصر وسوريا وغزة، فقد تغفل عن الخطوات المقبلة لإيران؛ وربما يستيقظ العالم يومًا ليجد إيران مسلحة برؤوس نووية.
أما اليوم، ومع سقوط "الأسد"، فقد أصبحت إيران أضعف من أي وقت مضى؛ حيث تعرّض ثلاثة من أركانها، نظام "الأسد" و"حزب الله" و"حماس"، لضربات شديدة، كما يعاني الحوثيون من نكسات كبيرة. وقد أظهرت "إسرائيل" قدرتها على استهداف الأصول الاستراتيجية لإيران، ما جعلها عرضة لمزيد من الهجمات الجوية. وبالتالي، فقد حان الوقت المناسب لإكمال المهمة بدعم من الولايات المتحدة؛ ويتطلب ذلك شن حملة ضغط قصوى اقتصاديًا ودبلوماسيًا ضد إيران. ويجب أن تستهدف العقوبات القطاعات الحيوية، بما فيها الطاقة والتمويل والصناعات الدفاعية والسيارات، وينبغي في الوقت نفسه تعزيز دعم جماعات المعارضة الإيرانية، وضمان وصولها إلى وسائل اتصالات مشفرة وإنترنت دون انقطاع.
وإذا لم يؤد هذا الضغط إلى تغييرات جذرية أو انهيار النظام، فيجب على "إسرائيل" إقناع حليفتها بأن الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار والسلام والازدهار في المنطقة يكمن في توجيه ضربة قاضية للنظام الإيراني. وستحتاج كل من تل أبيب وواشنطن إلى استهداف مجموعة من المواقع في جميع أنحاء إيران، بدءًا من المنشآت النووية حتى الأصول الحكومية والعسكرية الاستراتيجية، إضافةً إلى المحاور الاقتصادية مثل منشآت النفط والموانئ.
وبعد إيران، من الضروري معالجة الجهات الأخرى الداعمة للإرهاب التي تنشر الكراهية ومعاداة السامية، بدءًا بقطر؛ فمن غير المقبول أن تدين الولايات المتحدة "حماس" لاحتجازها مواطنين أمريكيين رهائن بينما تدير نفس الجماعة إمبراطوريتها المالية من الدوحة، المصنفة من قبل الولايات المتحدة كحليف من خارج "الناتو". ولا يمكن أيضًا لوسائل الإعلام القطرية أن تستمر في نشر دعاية سامة ضد "إسرائيل" بينما يعمل "ترامب" على تعزيز "اتفاقيات أبراهام".
لذلك، يجب تركيز الجهود على قادة الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لإجبار قطر على اتخاذ خيار واضح؛ من خلال إنهاء كل أشكال الدعم للإرهاب والتحريض، وطرد عناصر "حماس" ووقف مساعدتها للجماعة، أو مواجهة تصنيفها كدولة داعمة للإرهاب وفرض عقوبات تعزلها عن المجتمع الدولي.