تعميق تركيا تعاونها الأمني مع حفتر بالتوازي مع التزامها تجاه طرابلس يواجه تحديات ويثير تحفظات الداعمين لحفتر

الساعة : 15:34
24 يوليو 2025
تعميق تركيا تعاونها الأمني مع حفتر بالتوازي مع التزامها تجاه طرابلس يواجه تحديات ويثير تحفظات الداعمين لحفتر

الحدث

شهدت مدينة إسطنبول بداية من 22 يوليو/تموز 2025 نشاطًا لافتًا على هامش معرض IDEF الدفاعي، حيث التقى وزير الدفاع التركي يشار غولر بالفريق صدام حفتر رئيس أركان القوات البرية التابعة للقيادة العامة في شرق ليبيا. جاء اللقاء بعد توقيع بلقاسم خليفة حفتر مدير صندوق إعادة الإعمار في شرق ليبيا، اتفاقًا مع شركة تركية لتركيب وتطوير منظومات الملاحة الجوية والاتصالات في عدد من مطارات المنطقة الشرقية، يشمل بنغازي وسبها وسرت وأوباري وطبرق. وسبق ذلك زيارة ثلاثة وفود عسكرية تقنية من شرق ليبيا إلى تركيا في الشهر الماضي لتفقد مقرات قيادة ومؤسسات تدريب تابعة لوزارة الدفاع التركية. وفي المقابل، وقّعت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية الليبية في 10 يوليو/ تموز اتفاقية تعاون عسكري مع نظيرتها التركية تشمل التدريب والدعم الفني واللوجستي.

الرأي

تعكس اللقاءات والاتفاقيات الليبية التركية تكثيف أنقرة لانخراطها في ليبيا بمقاربة مزدوجة، تقوم على تعزيز العلاقة مع الطرفين الليبيين المتنافسين في الشرق والغرب، مع الحفاظ على العلاقة السياسية مع حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، وهي مقاربة تتمسك بها أنقرة كضرورة للقيام بدورها كضامن للملف الليبي أمام الولايات المتحدة وهو ما يتطلب علاقة فاعلة مع كافة الأطراف. فبينما يستمر التعاون العسكري الرسمي مع طرابلس ضمن اتفاقيات معترف بها دوليًا، تفتح تركيا قنوات عملية مع شرق ليبيا عبر البوابة التقنية والعسكرية، مستفيدة من احتياجات إعادة الإعمار ونقص الخبرات الدفاعية لدى قوات حفتر، فيما تمثل المشاريع التقنية في مطارات الشرق أداة استراتيجية تسمح بترسيخ النفوذ الأمني التركي دون مواجهة مباشرة مع الفاعلين الإقليميين الداعمين لصدام حفتر، وعلى رأسهم الإمارات ومصر.

غير أن هذه المقاربة تواجه تحدياً تفرضه التوازنات الداخلية الليبية غير المستقرة، وقد تثير تحفظات داخل المعسكر الداعم لحفتر، لا سيما إذا فُسّرت الزيارات والاتفاقيات كاختراق تركي تحت غطاء التعاون الفني. وفي المقابل، يمثل الانفتاح التركي المتزايد على شرق ليبيا تحديًا لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد دبيبة، التي لطالما اعتبرت الشراكة مع أنقرة أحد أبرز أعمدة شرعيتها الإقليمية، إذ قد يُفسّر تفعيل قنوات التعاون العسكري والفني التركي كإعادة تأهيل ضمني لحفتر وأولاده.

وفي ضوء ذلك، ليس من المتوقع أن يتراجع التزام تركيا تجاه الغرب الليبي أمنياً وعسكرياً لارتباط ذلك بمصالح أنقرة الاستراتيجية في اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، وليس من المتوقع أن تدعم تركيا مساعي تغيير الحكومة الليبية ما لم تضمن أن الحكومة البديلة ستواصل الالتزام بالاتفاقيات الأمنية الموقعة سابقا. وفي المقابل، سيواصل دبيبة العمل على تعميق التحالف مع أنقرة عبر اتفاقيات تدريب ودعم لوجستي ومشاريع إعادة إعمار، لضمان استمرار الأفضلية السياسية والعسكرية في العلاقة مع أنقرة.