استنتاجات الأسبوع:
- تركيزٌ "إسرائيلي" على مسار تهريب الأسلحة إلى غزة وسط إحباط من عدم فاعلية القبة الحديدية
- الكشف عن "الفيلق الفارسي" في "أمان" يأتي في إطار إعداد جيل استخباراتي مستقبلي في الجيش "الإسرائيلي"
- مزيد من التعاون في الأمن السيبراني بين "إسرائيل" والإمارات تعزيزًا لمسار التطبيع بين الطرفين
شهد هذا الأسبوع مزيدًا من التركيز "الإسرائيلي" على قضايا أمنية وعسكرية متلاحقة؛ أولها الحديث بصورة لافتة عن مسار تهريب الأسلحة من إيران إلى غزة مرورًا بالسودان واليمن، وما يواجهها من صعوبات. كما تمر هذه الأيام الذكرى السنوية العاشرة لانطلاق منظومة "القبة الحديدية" وسط شكوك بجدواها، فيما كُشف النقاب عن الجهود الاستخبارية "الإسرائيلية" لجمع المزيد من المعلومات عن الواقع الإيراني، وصولًا إلى مشاركة "إسرائيلية" لافتة في مؤتمر للأمن السيبراني في دبي.
في التفاصيل، زعمت أوساط عسكرية أن إيران فتحت طريق تهريب صواريخ وذخيرة إلى قطاع غزة عبر اليمن والسودان، وهي مسافة تصل آلاف الكيلومترات من السواحل "الإسرائيلية". وفيما عملت حركة "حماس" على مدار الساعة لتهريب الأسلحة للقطاع، فقد واصل الموساد جهوده المضادة للكشف عن صورة جزئية لمحور تهريب الأسلحة، الذي قاده آنذاك القيادي في الحركة، محمود المبحوح، الذي قتلته "إسرائيل" في دبي 2010.
وأشارت هذه الأوساط إلى أن أجهزة الأمن "الإسرائيلية" تسعى بين حين وآخر لقطع مسار التهريب البحري والبري، من خلال توفير بنك معلومات متراكمة عن عمليات تهريب الأسلحة، التي تنطلق قوافلها من الشاحنات متوجهة إلى الصحراء في رحلة ألف كيلومتر إلى مصر، حيث يعبر المهربون الجسور فوق قناة السويس، وبمساعدة البدو يتم نقل الأسلحة عبر الأنفاق الواقعة أسفل محور صلاح الدين إلى قطاع غزة.
وجرت العادة أن يبلغ مسؤولو الموساد قوات الكوماندوز في البحرية أنهم أمام مهربين ذوي خبرة كبيرة، ينقلون الأسلحة بشكل روتيني من وقت لآخر من السودان لصالح "حماس"، وهم على دراية جيدة بالمساحة البحرية بأدق التفاصيل، رغم أن البحر في كثير من الأحيان يكون عاصفًا والأمواج عالية جدًا وتمتلئ السفن بالماء ويغدو التوتر هائلًا، ويخشى الجنود أن يتم اكتشافهم من قبل المهربين، لذلك فإن كل دقيقة أمر بالغ الأهمية.
في الوقت ذاته، أحيا "الإسرائيليون" هذه الأيام ذكرى مرور عقد على انطلاق منظومة "القبة الحديدية"، لاعتراض الصواريخ لمنطلقة من غزة، بعد أن مرت بالعديد من التجارب الأولية الفاشلة. وتلقت هيئة الصناعات العسكرية "كتفًا باردًا" من المستويين العسكري والسياسي بأكمله، لأنهما عارضا إنشاء القبة بوضوح، وزعموا أنها لعبة خيالية، فلا يمكن خلال 30 ثانية تحديد مصدر إطلاق النار ومسار الصاروخ، ثم النجاح في إسقاطه.
من جهتها، أقدمت الصناعات العسكرية "الإسرائيلية" لدى قيامها بإجراء التجارب السرية على المنظومة، بعد أن تساقطت الصواريخ على مستوطنات الغلاف ومثلت معضلة متفاقمة لجنرالات الجيش، وأدى هذا المفهوم العكسي لدى "الإسرائيليين" إلى البحث عن مقترحات في الدفاع السلبي، ومنها "القبة الحديدية" والملاجئ، ما قد يشير إلى استسلام "إسرائيلي" للواقع الصعب الذي فرضته المقاومة الفلسطينية في القطاع.
على الصعيد الاقتصادي، يكلف الصاروخ الواحد من القبة الحديدية 100 ألف دولار، بينما لا تتجاوز كلفة الصاروخ الفلسطيني الواحد 100 دولار فقط، فضلًا عن أن صاروخًا فلسطينيًا واحدًا قد يصيب بالشلل مدنًا "إسرائيلية" لساعات متتالية. والخلاصة أنه ما زالت هناك أصوات في المؤسسة العسكرية تعتبر القبة الحديدية "خدعة الألفية"، ومجرد أنبوب ليس لديها أنظمة توجيه، تُطلَق في السماء بارتفاع 200 متر، ولم تعترض صاروخًا، ولم ير أحد أنها قامت بذلك بالفعل، لأن كل التجارب التي تمت عليها كانت على صواريخ افتراضية.
على الصعيد الإقليمي، كشفت محافل أمنية "إسرائيلية" أن جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان" يدير حربه الأمنية ضد إيران، من خلال محاكاة سيناريوهات من الأفلام وألعاب الكمبيوتر، للتعرف على تعقيدات السياسة الإيرانية، وقبل المواجهة المباشرة في الساحة العملياتية، فلابد من تهيئة الأرضية المخابراتية جيدًا لتكون على علم بمعرفة لغة العدو. ويشمل عمل "أمان" متابعة حسابات وقنوات "يوتيوب" الخاصة بمشاهير الفنانين والمطربين الإيرانيين، ممن يحصدون ملايين المشاهدات، وربما لا يصدق أحدهم أن لديهم مجموعة من المستمعين، وربما المعجبين، في قسم المخابرات التابع للجيش "الإسرائيلي".
وقد دأب أفراد "فيلق المخابرات الفارسية" داخل "أمان" على قراءة الأمثال الشعبية والجمل العامية باللغة الفارسية، ثم ينتقلون لسماع المغنين الإيرانيين. وإضافة لتعلم المفردات وقواعد اللغة، يقوم المعلم ذو الخلفية الفارسية بتعليم الجنود "الإسرائيليين" هذه اللغة المنطوقة أيضًا، وكذلك اللهجات الإيرانية التقليدية في الحياة اليومية، ما يساهم في إثراء لغتهم.
بدورهم، يخطط الجنود "الإسرائيليون" المتقنون للغة الفارسية بطلاقة لما سيقومون به خلال عطلة النيروز" الإيرانية القادمة، وتشمل رفع كأس احتفالي وشرب شاي مع مكعبات السكر في أفضل التقاليد، ما يجعل تعلم الفارسية بهذه الطريقة أكثر فاعلية، ويمنحهم الأدوات التي لم يحصلوا عليها بسواها، ويمكنهم من فهم الجانب الآخر "الإيراني" بشكل أفضل، من خلال معرفة اللغة العامية التي يستخدمها والنكات والثقافة.
وتعد هذه لمحة نادرة عن مدرسة الاستخبارات "الإسرائيلية" الكبرى في الشرق الأوسط، والتي تقف وراء تدريب جيل المستقبل من الاستخبارات في الجيش "الإسرائيلي"، يعتمد على اللغتين العربية والفارسية، لأن تدريبهم اللغوي يمنحهم فرصة تعمق المعرفة الإيرانية، ليس فقط باللغة ولكن أيضًا بالآداب والثقافة.
إقليميًا أيضًا، كُشف النقاب عن مشاركة أمنية "إسرائيلية" لافتة في مؤتمر دبي "سايبر تك غلوبال"، الذي استعرض خلال أيامه الثلاثة تقديم الكثير من الحلول الإلكترونية، وعقد اجتماعات العمل بين الشركات الخليجية و"الإسرائيلية" والأفراد من عشرات البلدان المشاركة. واستقطب المؤتمر عشرات الآلاف من كبار المسؤولين من "إسرائيل" والإمارات ودول أخرى، وكان نقطة التقاء لجميع المشاركين في مسألة كيفية تبسيط الحماية الإلكترونية للمنظمات والدول.
في هذا الإطار، شكّلت مشاركة "إسرائيل" مناسبة للكشف عن التعاون بينها وبين الإمارات في مجال الأمن السيبراني، مع توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية للتطبيع وإقامة علاقات رسمية بينهما، لكن سرعان ما أصبح وثيقًا بشكل خاص، ما يسرع بتخطيطهما لإجراء تدريبات إلكترونية مشتركة، وصدور دعوات لإجراء مناورات ثنائية لتطوير الأمن السيبراني لديهما. لكن المناورات المشتركة بينهما تواجه تهديدات جديدة وأفكارًا محدثة حول كيفية إصلاحها؛ فهناك الكثير من عدم التناسق في الأمن السيبراني، وأصغر المتسللين القراصنة قد يضروا بدولة أو قوة عظمى. كما أن الإمارات و"إسرائيل" متشابهتان في هذا الصدد؛ فهما دولتان صغيرتان لا يمكنهما الوثوق بالآخرين، وتحتاجان للوثوق ببعضهما للدفاع عن نفسيهما.