قُتل أكثر من 25 عراقيًا وجرح مئات في أعمال عنف واشتباكات اندلعت الإثنين الماضي، عقب إعلان الزعيم الشيعي البارز، مقتدى الصدر، اعتزاله العمل السياسي، داعيًّا أنصاره والجماهير إلى الانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء وسط بغداد وإنهاء اعتصامهم خلال ساعة واحدة فقط، مهددًا باتخاذ "موقف آخر". وجاء قرار "الصدر" عقب إعلان المرجع الديني الشيعي، كاظم الحائري، الذي يعتبر المرجعية الرسمية للتيار الصدري، اعتزاله العمل المرجعي ودعا "المؤمنين" إلى "إطاعة الولي" قائد الثورة الإسلامية، علي خامنئي، موجهًا انتقادات ضمنية حادة تطعن في أهلية "الصدر" السياسية والشرعية على حد سواء؛ كما أوصى بالحفاظ على الحشد الشعبي ودعمه كقوّة مستقلّة. من جانبه، أعلن رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، حظر التجوال في جميع أنحاء البلاد، وأغلق منشأت النفط في البصرة خشية وصول المتظاهرين إليها بعد أن أسقطوا مبانٍ حكومية. في اليوم التالي، وبينما تتواصل الدعوات الإقليمية والدولية لتجنب التصعيد، فاجأ "الصدر" الجميع مجددًا؛ حيث أمهل أنصاره 60 دقيقة للانسحاب وفض الاعتصام.
رغم أن تعثر تشكيل الحكومة لعدة أشهر لا يمثل ظاهرة جديدة على العراق، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي تتحول فيها أزمة تشكيل الحكومة إلى أعمال عنف واسعة، وهو مؤشر على حدة الاستقطاب الشيعي-الشيعي، وبالتالي تفاقم مستوى التهديد الأمني الناتج عنه والذي وضع البلاد خلال الساعات الماضية في مواجهة شبح الاقتتال الداخلي. وعزز من مستوى التهديد أن الاشتباكات بين أنصار "الصدر"، بما فيها سرايا السلام، من جهة وقوات حماية المقرات أو ميليشيات أخرى من جهة ثانية لم تقتصر على القصر الرئاسي في المنطقة الخضراء الذي تم اقتحامه، ومناطق متفرقة من بغداد تشمل منازل مسؤولين، منها منزل "نوري المالكي" ومقرات بعض المليشيات، لكنها امتدت أيضًا لمناطق بمحافظات أخرى مثل البصرة والناصرية ونينوى.