حدث:
تلقى حزب العدالة والتنمية المغربي، هزيمة قاسية في الانتخابات البرلمانية التي جرت الأربعاء 8 سبتمبر/أيلول. حصل الحزب على 13 مقعدا مقارنة بـ 125 مقعدا في الانتخابات التشريعية السابقة. كما فشل أمينه العام ورئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، في تأمين مقعد نيابي له. وتصدر نتائج الانتخابات، التي بلغت نسبة المشاركة فيها نحو 50.3٪، حزب التجمع الوطني للأحرار، برئاسة صديق الملك المقرب، عزيز أخنوش، حيث فاز بعدد 102مقعد. فيما حصل حزب الأصالة والمعاصرة على 86 مقعدا. ونال حزب الاستقلال 81 مقعدا، بينما حصد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية 35 مقعدا. وجاء حزب الحركة الشعبية في المرتبة الخامسة بعدد 29 مقعدا، يليه حزب التقدم والاشتراكية بـ 21 مقعدا، ثم الاتحاد الدستوري 18 مقعدا، يليه حزب العدالة والتنمية في المرتبة الثامنة. وتقاسمت الأحزاب الأخرى 10مقاعد. وعقب إعلان النتائج، قدمت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية استقالتها ودعت إلى عقد مؤتمر استثنائي، سيكون حاسما في تقرير مستقبل الحزب الذي ترأس الحكومة منذ نوفمبر/تشرين ثاني 2011.
رأي:
خسارة العدالة والتنمية المغربي، بعد أسابيع قليلة من انهيار التجربة التونسية، يضع أمام الأحزاب الإسلامية عموما أسئلة ملحة حول تقييم ممارستها السياسية خلال عقد الربيع العربي. لم تفلح مواءمات هذه الأحزاب في إقناع النخب الحاكمة العربية بتغيير نظرتها الضيقة، ذات الطابع الأمني تجاه الإسلاميين واعتبارهم قوى سياسية مؤهلة للمشاركة في الحكم. كما أن تنازلات الأحزاب الإسلامية سياسيا وأيديولوجيا، ومحدودية قدرتها على الوفاء بوعودها الانتخابية أفقدها التأييد الشعبي الواسع الذي حظيت به عقب الثورات. وبصورة ما كان العدالة والتنمية مجرد انعكاس للدولة وللوضع القائم ولم يقنع قاعدته الجماهيرية أنه معبرا عن تطلعاتها للتغيير. لذلك، ستكون تداعيات الانتخابات المغربية أشمل من حالة الإسلاميين في المغرب، لتشمل مجمل مسيرة الأحزاب الإسلامية التي تمر بتحديات كبيرة.
داخليا، سيكون لهزيمة العدالة والتنمية بشكل خاص استحقاقات على صعيد صعود قيادة جديدة للحزب، وربما يلعب عبد الإله بنكيران دورا انتقاليا في هذه العملية بما يتمتع به من كاريزما شخصية، وتجربة حزبية ناجحة، وقدرة على تعبئة قواعد الحزب الذي قد يكون معرضا لتوترات داخلية. لكن على المدى البعيد، يتمتع الإسلاميون في المغرب بديناميكية كافية لإعادة التموضع السياسي والعودة مجددا كرقم مؤثر في المعادلة السياسية. خاصة وأن جهود الملك التي استهدفت الحد من مكاسبهم السياسية ليس من المتوقع أن تتطور إلى نهج أمني إقصائي في ظل أن العملية السياسية مازالت محكومة بهيمنة الملك، وأن التجربة أثبتت أن تكلفة مشاركة الإسلاميين السياسية "المتحكم فيها" أقل بكثير من تكلفة المعالجة الأمنية الشاملة.