الانقلاب الفاشل في السودان يعزز من هيمنة الجيش مقا

الانقلاب الفاشل في السودان يعزز من هيمنة الجيش مقابل تهميش الحكومة في ظل تزايد الفلتان الأمني

الساعة : 19:15
22 سبتمبر 2021
الانقلاب الفاشل في السودان يعزز من هيمنة الجيش مقابل تهميش الحكومة في ظل تزايد الفلتان الأمني

الحدث:

في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء 21 أيلول/ سبتمبر 2021، تحركت عناصر في الجيش السوداني يقودها القائد بسلاح المدرعات، اللواء عبد الباقي عثمان بكراوي، بهدف الإطاحة بالمجلس السيادي الذي يدير المرحلة الانتقالية منذ عزل الرئيس "عمر البشير" في نيسان/ أبريل 2019، لكن سرعان ما تمكّنت قوات الجيش من إحباط التحرك والسيطرة على مقر سلاح المدرعات في أم درمان، والذي كان مركزًا لقادة المحاولة الانقلابية. عقب ذلك، أعلن وزير الدفاع السوداني، الفريق الركن ياسين إبراهيم، عن اعتقال "بكراوي" و22 ضابطًا، إلى جانب عدد من ضباط الصف والجنود، فيما ذكرت تقارير صحفية أن إجمالي عدد المعتقلين بلغ حوالي 40 شخصًا. وبحسب ما كشف عنه وزير الدفاع، فإن الأجهزة الأمنية قد تلقت معلومات حول المخطط مساء الإثنين، بينما أكد فيه رئيس المجلس السيادي، الفريق عبد الفتاح البرهان، أنه لم تثبت صلة أي جهة بمحاولة الانقلاب الفاشلة.

الرأي:

بحسب المعلومات، فقد تصدّر "بكراوي" رفض هيمنة قوات الدعم السريع وتغولها على قوات الجيش، لدرجة تسجيل موقفه صوتيًا ونشره على مواقع التواصل الاجتماعي عقب حادثة "فض الاعتصام"، وهو ما تسبب في إحالته للتحقيق، قبل أن يعود للخدمة. لكنه قضى أغلب العام الجاري في القاهرة للعلاج، وعاد فقط يوم الخميس 16-09-2021 إلى الخرطوم. وعليه، فإن خلفية اللواء "بكرواي" لا تشير إلى أي خلاف أيديولوجي معتبر مع قادة الجيش، بقدر ما يعكس خلافاته الشخصية. وبالتالي تشير سهولة احتواء المحاولة الانقلابية إلى أنها تمثل تحركًا محدودًا لا يستند إلى قاعدة داعمة قوية داخل الجيش. لكن حتى مع التسليم أن التحرك جاء هامشيًا وربما شخصيًا، إلا أن ذلك لا يعني أن احتمالات الانقلاب العسكرية أصبحت بعيدة عن المشهد السوداني؛ حيث تشير معلومات "صدارة" إلى أن سيناريو الانقلاب العسكري أو تفجر الأوضاع عمومًا مازال يثير قلق قادة المرحلة الانتقالية، في ظل تفاقم الوضع الاقتصادي وغياب الدعم الخارجي.

من الناحية الأمنية، تزامنت المحاولة مع تجدد التوتر الأمني في الخرطوم، عقب اشتباكات مسلحة مطلع الشهر الجاري بين قوات حكومية وأفراد من الحركات المسلحة، الموقعة على اتفاق جوبا في ضاحية سوبا جنوبي الخرطوم. كما صعّد "المجلس الأعلى لنظارات البجا" (مجلس قبلي شرقي البلاد) من احتجاجاته؛ حيث أغلق موانئ شرقي البلاد بما فيها ميناء بورت سودان، أهم موانئ البلاد، والطريق الرئيسي بين بورت سودان والخرطوم. وبالتالي، تزيد هذه التطورات من هاجس الحاجة للأمن، وتعطي قيادة الجيش ميزة شعبية في مواجهة الحكومة التي تقف عاجزة عن تغيير الوضع الاقتصادي. ومن ثم، ستزيد محاولة الانقلاب الفاشلة من إطلاق يد الجيش في السيطرة على البلاد لحمايتها من الانهيار، وهو ما يزيد من تهميش دور الحكومة والمكون المدني في السلطة الانتقالية، الأمر الذي عبر عنه "البرهان" في خطاب صباح الأربعاء 22-09-2021 قائلًا: "إن أية جهة لن تستطيع إبعاد القوات النظامية عن المشهد في السودان".