الحدث
في الفترة ما بين 10 و14 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، شاركت كل من الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، في المناورات البحرية التي نظمتها القيادة المركزية الأمريكية الوسطى (CENTCOM) في البحر الأحمر إلى جانب "إسرائيل". وتعتبر هذه المرة الأولى التي تشارك فيها دول عربية إلى جانب "القوة البحرية الإسرائيلية"، بُعيد نقل دولة الاحتلال من منطقة عمليات القوات الأمريكية في أوروبا، إلى القيادة المركزية (CENTCOM) في المحيط الهندي وآسيا الوسطى وغربها وانتهاءً بمصر. وقد حظيت المناورة بدلالة سياسية وإعلامية، أكثر من كونها حدثاً عسكرياً؛ حيث إنها أقرب للدوريات المشتركة منها للمناورات البحرية بمهام محددة، على رأسها تكتيكات تطويق ومداهمة، بهدف إيقاف وتفتيش السفن العابرة لمياه البحر الأحمر. وفي تلك الأثناء، توجّه رئيس الموساد في زيارة علنية إلى البحرين، سبقها قيام قائد سلاح الجو الإماراتي بزيارة هي الأولى من نوعها لدولة الاحتلال في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
الرأي
تأتي هذه التحركات في ظل تلاقي مساعي دولة الاحتلال من جهة، والإمارات والبحرين من جهة أخرى لبناء جبهة أمنية – عسكرية إقليمية تكون قادرة مستقبلا على التصدي للتحركات الإيرانية في المنطقة. وجدير بالذكر أنه خلال استقبال العاهل البحريني، حمد بن عيسى، وزير خارجية الاحتلال الشهر الماضي لافتتاح سفارة "إسرائيل" في المنامة، أعلن رسميا أن من بين الموضوعات التي تمت مناقشتها "مواجهة التهديد الإيراني". وفي نفس الشهر أجرت البحرية الأمريكية والبحرينية تدريبات مشتركة، قال الجانب الأمريكي إنها ضمن سلسلة تمارين مع الشركاء في الخليج "لدمج أنظمة مسيرة في العمليات البحرية الإقليمية".
وبينما يبدو الغياب السعودي متوقعاً في ظل تأجيل السعودية قرار التطبيع لأسباب داخلية تتعلق برفض الملك سلمان، ومساومة ولي العهد "محمد بن سلمان" على مثل هذا القرار من أجل تحقيق مكاسب في علاقته بإدارة "بايدن"؛ يبدو الغياب المصري في المقابل لافتاً. فالمصالح الأمنية لمصر في البحر الأحمر أكثر حيوية وأهمية من مصالح الإمارات البحرين، كما أن علاقات القاهرة، أمنياً واقتصادياً وسياسياً، مع الاحتلال هي الأفضل على الإطلاق منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد. لذلك فإن الغياب المصري على الأرجح لا يتعلق بالموقف من مشاركة تدريبات عسكرية مع "إسرائيل"، بقدر ما يعني تمسّك مصر بموقفها تجاه رفض التصعيد الإقليمي ضد إيران، وتحفظها على المشاركة في محور إقليمي مبني على أساس العداء لإيران، خاصة وأن القاهرة تجري بالفعل محادثات مع إيران تتعلق بتفاهمات حول التواجد المصري الاقتصادي والاستثماري في العراق. وفي السياق نفسه كذلك، يبدو غياب الأردن، المطل على البحر الأحمر، غير بعيد عن هذا السياق.
والخلاصة، أن هذا التدريب من المتوقع أن يكون بداية لخطوات تنسيقية بين الإمارات والبحرين و"إسرائيل"، وهو ما يضع شكوكاً حول نجاح مساعي الإمارات في تجنب التصعيد المباشر مع إيران.