الحدث:
منذ الإطاحة بحكم "زين العابدين بن علي"، تشهد تونس تصاعدًا غير مسبوق في عمليات التوقيف الأمني والإحالات القضائية لقادة سياسيين؛ حيث تم توقيف وزير العدل السابق ونائب رئيس "حركة النهضة"، عز الدين البحيري، ووضعه قيد الإقامة الجبرية على خلفية قضية غامضة، قال وزير الداخلية المعين من قبل الرئيس "سعيّد" إنها "تحمل شبهة الإرهاب". وفي وقت لاحق قرّر القضاء إحالة 19 شخصية سياسية بارزة إلى المجلس الجناحي في المحكمة الابتدائية، بتهمة "جرائم انتخابات" أبرزهم الرئيس السابق، منصف المرزوقي، ورئيس البرلمان، راشد الغنوشي، والمرشح الرئاسي السابق، نبيل القروي، ووزير الدفاع السابق، عبد الكريم الزبيدي.
الرأي:
مُضي الرئيس "سعيّد" في إجراءات ملاحقة خصومه يأخذ تونس نحو مزيد من التأزم السياسي، الذي يهدد بتوترات أمنية في الشارع، خاصةً وأن القوى السياسية ومعارضي الرئيس لم يعد أمامهم إلا التعبئة في الشارع، فيما تتزايد احتمالات التصادم بين المحتجين وبين قوات الأمن التي تعمل تحت أوامر رئاسية بإشراف وزارة الداخلية. بالتوازي مع ذلك، تعيش تونس انتكاسة في الحريات والانتهاكات الحقوقية، عبرت عنها مؤسسات مستقلة مثل نقابة الصحفيين، وحتى المؤسسة القضائية التي تشعر بضغوط الرئيس المتزايدة عليها.
ليس ثمة شك في أن تراجع الرئيس التونسي عن إجراءات الهمينة على الحكم غير وارد، كما بدا واضحًا أن "سعيّد" بدأ يعمل على تعزيز عمليات إجراءات المراقبة والتجسس ضد القوى السياسية المعارضة، وبدأ تعزيز جهاز المخابرات داخل المجتمع التونسي. وهذه الإجراءات تحفز بالمقابل دعوات الأحزاب والقوى المعارضة لرفض إجراءات الرئيس، وهو ما يتجلى في الدعوة المتصاعدة للتظاهر يوم الـ14 من كانون الأول/ يناير الجاري، والتي يتبناها كل من "المرزوقي" و"حركة النهضة". ومن ثم، سنراقب خلال الأيام القليلة القادمة مدى الاستجابة لدعوات التظاهر وسلوك الأجهزة الأمنية، إضافةً لموقف الجيش في حال تصاعدت الاحتجاجات بما يهدد بعودة الاضطراب إلى الشارع التونسي.