الحدث:
عاد ملف "داعش" شمال لبنان إلى الواجهة؛ حيث لا يزال خبر التحاق نحو 37 شابًا تتراوح أعمارهم بين 16 و28 سنة، من الأحياء الفقيرة لمدينة طرابلس بالتنظيم في العراق، ومقتل اثنين منهم هناك في معارك مع التنظيم، يَلقى صدىً في الأوساط الاجتماعية والإعلامية والدينية والأمنية، لا سيما بعد إعلان مصادر أمنية عن اختفاء ثمانية شبان آخرين، وإحباط الجيش محاولة فرار خمسة شبان قاصرين كذلك. هذا، إضافةً إلى إلقاء القبض على "ضابط اتصال بين الشباب وقيادة التنظيم في العراق".
وتشير المعلومات إلى أن أغلب الشباب قد غادروا لبنان من خلال عمليات تهريب على الحدود اللبنانية – السورية، وإلى تلقيهم عروضًا مغرية برواتب تصل إلى 2000 دولار شهريًا لقاء التحاقهم بالتنظيم، ويأتي هذا الحدث بالتوازي مع تصاعد عمليات توقيف منتسبين للتنظيم في عدة مناطق خلال الأشهر الماضية.
الرأي:
ليست هذه المرة الأولى التي تُربط فيها مدينة طرابلس، ذات الثقل السنّي الأكبر، بتنظيم "داعش"؛ حيث تهيىء حالة الفراغ في الساحة السنية والأوضاع المعيشية القاسية وحالة الفقر المتفشية، إلى إيجاد بيئة خصبة لعمليات "تجنيد" الشبان واستغلال عوزهم، وسط شكوك أهالي الشبان حول كيفية خروج هذه الأعداد دون أن يكون ذلك ضمن "عملية منظمة" لها أهداف متعددة. وذلك لأن الأهالي تلقوا اتصالات من أبنائهم تفيد بتلقيهم "اتصالات" بالهروب قبل أن يتم القبض عليهم بتهم الإرهاب، مقابل صمت مبهَم من قبل الأجهزة الأمنية المتابعة للملف، وهما "شعبة المعلومات" التابعة لقوى الأمن الداخلي واستخبارات الجيش.
من جانب آخر، تبقى في العموم الخشية في حال عودة هؤلاء إلى لبنان، من نصب أفخاخ أمنية لهم، أو استغلالهم لافتعال مشاكل وأحداث أمنية ضمن المناطق ذات الأغلبية السنية لا سيما منطقة الشمال، تنفيذًا لأجندات أمنية إما داخلية أو إقليمية، قد يكون على رأسها إفشال الانتخابات النيابية المرتقبة أو تأجيلها. كذلك، لا يمكن فصل هذا التطور عن سياق نشاط "داعش" المتصاعد مؤخرًا في سوريا والعراق، والذي يطرح تساؤلات مقلقة حول إمكانية استعادة التنظيم بعضًا من حيويته العابرة للحدود مجددًا.