الحدث:
ناقش الكنيست "الإسرائيلي" هذه الأيام مشروع قانون تقدم به عضو الكنيست عن حزب الليكود، يوآف كيش، لإنشاء حرس وطني في "إسرائيل"، على أن يكون قوة استجابة واسعة لجميع أنواع المواجهات المفاجئة التي لا تتوقعها قوات الأمن. ويبدو أن المحفز لهذه المبادرة هو الوضع الذي تم اكتشافه خلال حرب غزة الأخيرة "عملية درع القدس"، وما شهدته المدن العربية في الداخل، بالتوازي مع قتال الجيش "الإسرائيلي" في غزة.
الرأي:
يأتي مشروع القانون المذكور ردًا على ما اعتبرته الأوساط السياسية والأمنية عجزًا من قِبل شرطة الاحتلال في المدن الفلسطينية المحتلة في الداخل، حين نجح فلسطينيو 48 خلال هبة أيار/ مايو الأخيرة في إحراق مراكزها، وإغلاق الشرايين المركزية للطرقات الرئيسية. ويخشى "الإسرائيليون" أن يتكرر الأمر في أي مواجهات قادمة، لهذا فإنهم يعولون على الدور المناط بـ"الحرس الوطني" في الحفاظ على الأمن الداخلي، وتأمين طرق النقل المفتوحة، وتنفيذ احتياجات حالات الطوارئ، على أن يكون بمثابة سلاح فعال لأي مهمة تطلبها حكومة الاحتلال "داخل حدودها".
ومن المتوقع أن يسفر تشكيل "الحرس الوطني" الجديد عن تضارب في المهام الميدانية والعملياتية مع باقي الأجهزة؛ حيث إن دولة الاحتلال لديها بالفعل منظومة أجهزة أمنية واستخبارية تضطلع بمهام ضبط الأمن الداخلي، أهمها الشرطة وحرس الحدود وجهاز الأمن العام "الشاباك". وسيكون التحدي الأساسي لإقرار وتشكيل قوة "الحرس الوطني" هو كيفية توزيع المهام وتنظيم الصلاحيات، ومنع التضارب المتوقع مع باقي الأجهزة ذات العلاقة، من حيث اقتصار مهامه على إجراءات معينة دون أخرى، مثل الاعتقالات والاستدعاءات الأمنية، أو إجراء التحقيقات الاستخبارية، وربما الملاحقات الميدانية في الشوارع والطرقات. هذا، فضلًا عن البحث في آلية اختيار عناصر الحرس الوطني، سواءً من خلال تجنيد جديد للشبان "الإسرائيليين" أو انتقائهم من الأجهزة الأخرى، ومن ثَمّ البحث في المعايير المطلوبة في هذه الحالة.
من جهة أخرى، يعكس مشروع القانون قلقًا أمنيًا إزاء إمكانية تكرار هبة أيار/ مايو السابقة، في ظل التوترات المتوقعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، سواءً في الضفة الغربية أو قطاع غزة أو القدس، وفي هذه الحالة قد يجد فلسطينيو 48 أنفسهم مدعوين للانخراط في هذه الأحداث، إما لإسناد أشقائهم الفلسطينيين في تلك المناطق، أو لإشغال قوات الاحتلال وتشتيتها. كما يشير مشروع القانون إلى تقدير "إسرائيلي" يجعل الأولوية في التعامل مع فلسطينيي 48 المنطلق الأمني البحت، ويعتبرهم تهديدًا بالدرجة الأولى، لقدرتهم على استهداف الاحتلال من داخل خواصره الضعيفة. وهي حالة تعيد عقارب الساعة عقودًا طويلة إلى الوراء، وتثبت فشل مخططات "الأسرلة" وغسيل الدماغ الذي أجرته دولة الاحتلال عليهم.