الحدث:
أصدرت محكمة أمن الدولة في الـ26 من الشهر الجاري حكمًا بالسجن 12 عامًا بحق النائب المفصول، أسامة العجارمة، (40 عامًا)، وعلى عدد من أبناء عشيرته بالسجن من ست إلى ثمان سنوات. ووجهت المحكمة الأردنية (محكمة عسكرية تخضع أحكامها لمحكمة التمييز)، العديد من التهم إلى "العجارمة" وثمانية من شباب عشيرته، من بينها ارتكاب أفعال من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وإحداث الفتنة والعصيان، وخصّت "أسامة" بتهمة "تهديد حياة الملك".
ورفضًا للحكم، اندلعت أعمال شغب وقطع طرق من قبل عشيرة "العجارمة" التي تستوطن شرق العاصمة عمّان. وتدهور الوضع الأمني على نحو مفاجئ في ضواحي منطقتي ناعور ومرج الحمام شرق العاصمة؛ حيث أحرق أنصار "العجارمة" وبعض نشطاء قبيلته مقرًا خاصًا بمجلس عشائر القبيلة، في إطار رفض بعض أبناء العشيرة مواقف شيوخها من القضية. كما قطع المحتجون لفترة وجيزة الطريق الدولي بين العاصمة ومنطقة البحر الميت، ما دفع لاستنفار أمني كبير في عمّان. وكان لافتًا من بين مظاهر الاحتجاج إلقاء شبان الحجارة على صورة في أحد الشوارع للملك الأردني، عبد الله الثاني.
الرأي:
تشير التوقعات والقراءات لذهاب قضية النائب المفصول،أسامة العجارمة، بعد الحكم عليه من محكمة أمن الدولة إلى مسارين: الأول صدور حكم من محكمة التمييز بتثبيت حكم محكمة أمن الدولة بسجنه ورفاقه المدة كاملة، أو تخفيضها بضع سنوات فقط. أما المسار الثاني وهو الأقرب، فهو صدور حكم التمييز بتثبيت الحكم وإنفاذه وبعد مدة، قد تطول أو تقصر، سيصدر عفو ملكي خاص بإنهاء الملف لتبريد حالة الاحتقان، وتقديم مؤسسة القصر على أنها صاحبة اليد العليا بالعفو والعقاب.
لقد صعد اسم النائب "أسامة العجارمة" ذي النزعة القبلية وقليل الخبرة السياسية مع بدء العدوان الأخير على غزة في أيار/ مايو 2021، حيث دعا لما أسماه "الزحف العشائري إلى عمّان نصرة للقدس وفلسطين". ثم أعقب النائب ذلك بتبديل وجهة الخطاب من فلسطين وشؤونها صوب مسار آخر على تماس بالحالة الداخلية الأردنية؛ حيث اتسم خطابه بخط بياني متصاعد طال شخص الملك والحكومة ومن أسماهم طبقة "العملاء"، وهو الخطاب الذي شكّل له قاعدة تأييد شبابية داخل عشيرته، وجدلًا واسعًا بين مكونات الحالة الشعبية والسياسية في الأردن، ما دفع الدولة للتحرك وتجريده من مقعده البرلماني، وإنهاء ظاهرته "الشعبوية"، واعتقاله وعددًا من أنصاره وتحويله لمحكمة أمن الدولة.
وتعتبر مظاهر الشغب والاحتجاج من طرف عشيرة "العجارمة" هي الثانية من نوعها بعد احتجاجات مماثلة، إثر قرار فصل "أسامة" في السادس من حزيران/ يونيو 2021، وهي تفتح أسئلة حول علاقة الحكم بالجيل الجديد من العشائر.
بالمقابل، يرسل إصرار الدولة على المحاكمة القاسية رسالة بارزة على منع التجاوز تجاه شخص الملك تحديدًا، أو استخدام العصبية العشائرية كقوة مكافئة لقوة الدولة وهيبتها. كما يشكل استخدام العصا الأمنية الغليظة في فض الاحتجاج الذي أعقب صدور الحكم واستخدام ورقة "المحاكم العسكرية"، توجهًا وملمحًا بارزًا في سياسة الدولة المستقبلية بعد إقرار تشكيل "مجلس الأمن القومي" مؤخرًا.