الحدث:
نشرت مصر أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي عشرة خبراء عسكريين في "عتق"، عاصمة محافظة شبوة اليمنية، في أول خطوة جادة للانخراط في حرب اليمن. وبحسب دورية "إنتليجنس أونلاين" فإن القرار المصري جاء لدعم "ألوية العمالقة" اليمنية الجنوبية الموالية للإمارات، والعمل على توحيد عدة فصائل موالية للحكومة الشرعية، خاصةً قوات "المجلس الانتقالي الجنوبي" والكتائب التي يقودها "طارق صالح".
الرأي:
من الواضح تمامًا أن القرار المصري يأتي استجابةً لرغبة الإمارات والسعودية، ويبدو أن الخطوة جاءت كرد فعل عقب الهجوم الحوثي المفاجئ على الإمارات في الثالث من كانون الثاني/ يناير الماضي، خاصةً وأن الرئيس المصري قام بزيارة إلى أبو ظبي بصحبة رئيس الاستخبارات، عباس كامل، في الـ26 من كانون الثاني/ يناير. وهنا تبدو الفرصة مناسبة للقاهرة لإثبات أنها شريك أمني قادر على دعم حلفائه.
من جهة أخرى، ليس خافيًا أن القاهرة لم تكن متحمسة لمسار الحرب في اليمن، ويكاد يكون الاعتبار الأهم بالنسبة لها هو ضمان أمن الملاحة في باب المندب لارتباطه بالأمن البحري في البحر الأحمر، ومن ثم قناة السويس. وعليه فإن تهديد الحوثيين لأمن الملاحة في باب المندب يمثل تهديدًا مباشرًا لمصالح القاهرة. وبينما لا تريد القاهرة أن يكون اليمن محل نفوذ لأي قوة معادية أو منافسة، فإنها أيضًا لا تريد التورط في صراع مباشر مع إيران وحلفائها، ومن ثم فإن الخطوة تبدو حتى الآن رمزية ولا تعكس انخراطًا في الحرب بالمعنى الكامل.
ومازالت قدرة الجيش المصري على ممارسة إسقاط القوة خارج حدوده وفي ساحات حرب غير تقليدية محل جدل وأحيانًا محل شك كبير؛ إذ يحتاج الجيش مزيدًا من الوقت للتدريب ليس فقط على تكتيكات جديدة، لكن أيضًا على الأسلحة الجديدة التي تسلمها خلال السنوات القليلة الماضية. كما إن حرب اليمن باتت تمثل استنزافًا للجهات المتورطة فيها بالفعل، وهو أمر لا يخفى على الجانب المصري رغم أنه لا شك يتعرض لضغوط من حلفائه لتقديم مزيد من الدعم لهم.
لذا فليس من المرجح أن يتوسع الدعم العسكري المصري إلى مرحلة إرسال قوات برية أو التورط المباشر في الحرب، خاصةً وأنه لا توجد ضرورة ميدانية لهذا، بقدر ما يعتبر المطلوب دور استشاري وتوحيد الفصائل الموالية للتحالف، وإيجاد قيادة مركزية لها، خصوصًا وأن وجود عدد كبير من قيادات "حزب المؤتمر الشعبي العام" وآخرين من القيادات الجنوبية في القاهرة، يؤهلها للعب دور مؤثر في توحيد تلك المكونات.