الحدث:
تشهد مدينة طرابلس (شمال لبنان) حالة يومية من الفلتان الأمني لا سيما خلال ساعات الليل، تتضمن عمليات إطلاق الرصاص والإشكالات العائلية أو الفردية المسلّحة، ورمي القنابل في أحياء متفرقة وفي أوقات متقاربة في مناطق شعبية بالمدينة، بالتوازي مع انتشار واسع لأعمال السرقة واقتناء السلاح الخفيف والمتوسط. وقد بدا لافتًا تطور حوادث إطلاق النار إلى ما يشبه عمليات "التصفية" أو"الاغتيال " على يد ملثمين على متن دراجات نارية، كان آخرها في منطقة "باب الرمل" الشعبية، حيث قُتل "أحمد الأيوبي"، أحد عناصر "الحزب القومي السوري"، وأصيب صديقه وهو عسكري بالجيش بجروح خطرة.
الرأي:
لا تنفصل حالة الفلتان الأمني في طرابلس عن مجمل حالة التوتر التي تخيم على البلاد خلال الأشهر الأخيرة، وإن كانت حالة المدينة تبدو أكثر كثافة. وربما يفسر هذا جولة قائد الجيش، العماد جوزيف عون، في طرابلس على دار الإفتاء وأبرشية طرابلس المارونية والمجلس الإسلامي العلوي، لتبديد الهواجس المرتبطة بالتفلت الأمني والتأكيد على دور هذه المرجعيات في التصدي لكل الخطابات والأجواء المتشنجّة.
من جهة أخرى، يستدعى تصاعد هذه الحالة في طرابلس تساؤلات حول احتمال وجود مخطط أمني مدروس، تتشابك خيوطه بين إعادة وسم المدينة بـ"الإرهاب"، بعد موجة اختفاء عدد من شبابها والتحقاهم بتنظيم "داعش" في العراق، وصولًا إلى كثافة وتطور أشكال الحوادث والأعمال الأمنية في المدينة، الأمر الذي ينذر باتساع كثافة ورقعة هذه المظاهر في المرحلة المقبلة. كما بات محتملًا أن يكون المشهد الراهن تمهيدًا لأعمال أوسع، خاصةً وأن طرابلس شهدت عدة أحداث مأساوية كان أشدها إحراق مبنى البلدية وأجزاء من المحكمة الشرعية.
في السياق أيضًا، لا شك أن الأوضاع المعيشية الخانقة وتفشي الفقر والبطالة والسلاح والمخدرات، تحديدًا في الأحياء الشعبية، وحالة التشابك السياسي لا سيما مع اقتراب موسم الانتخابات النيابية، لا تزال عوامل تغذي استغلال أطراف داخلية أو خارجية، وربما أجندات أجهزة أمنية، لدفع المدينة نحو سيناريو الانفلات الأمني.