الحدث:
نشر "راديو فردا" التابع لإذاعة أوروبا الحرة تسريبًا صوتيًا لاجتماع حضره قائد الحرس الثوري السابق، محمد علي جعفري، ومساعد المدير الاقتصادي للحرس، صادق ذو القدرنيا. وتناول التسجيل الذي بلغ 50 دقيقة تفاصيل الفساد في شركة "ياس" القابضة التابعة للحرس الثوري؛ حيث طلب رئيس مجلس أمناء المؤسسة التعاونية، التي تشرف على شركة "إياس" ورئيس بلدية طهران آنذاك ورئيس البرلمان الحالي، محمد باقر قاليباف، من "ذو القدرنيا" توقيع مذكرة بثمانية آلاف مليار تومان للتغطية على الفساد بالمؤسسة المذكورة. وقال "جعفري" إن "قاسم سليماني" رفض مواجهة مجموعة نائب منسق الحرس الثوري ورئيس مجلس إدارة المؤسسة التعاونية، جمال الدين آبرومند، بخصوص تجاوزات "ياس" المالية. كما كشف التسجيل، الذي أكدت صحته "وكالة فارس" الإيرانية الرسمية، عن تخصيص 90% من إيرادات شركة "ياس" لصالح فيلق القدس، لكن ضخامة مديونياتها دفعت لفتح تحقيق قضائي انتهى بحل الشركة المذكورة عام 2018، وسجن مساعد رئيس البلدية، عيسى شريفي، 20 عامًا فضلًا عن الحكم بالسجن مدًدا متفاوتة على ثلاثة آخرين.
الرأي:
تأتي أهمية التسريب من خلال طبيعة مناصب المتحدثين فيه، وفي مقدمتهم "محمد جعفري" الذي قاد الحرس الثوري لمدة 12 عامًا قبل إقالته في نيسان/ أبريل 2019. وأعاد التسريب الجدل بين الأجنحة المختلفة داخل النظام الإيراني؛ حيث طالب مستشار "قاليباف"، محمود رضوي، بالتحقيق في تسريبات لمسؤولين في حكومة الرئيس السابق، حسن روحاني، وبالأخص تسريب وزير خارجيته، جواد ظريف، الذي انتقد فيه "قاسم سليماني".
في السياق أيضًا، يذكر أن الصراع بين أطراف داخل الحرس الثوري وشخصيات سياسية بارزة قد تجلى في كانون الثاني/ يناير الماضي، عندما كشف قائد سلاح الجو في الحرس الثوري، أمير علي حاج زاده، أن قادة الحرس قالوا للرئيس السابق "روحاني" عام 2017، بحضور "قاسم سليماني"، إنهم لا يستطيعون تحمل انتقاداته للحرس الثوري، وحذروه من التشبه بمواقف "أحمدي نجاد" قائلين إن المرشد والنظام خط أحمر. بدوره، أثار "محسن" نجل الرئيس السابق، هاشمي رفسنجاني، الجدل حول وفاة الده في حمام سباحة عام 2017؛ حيث قال إن الأطباء أكدوا عدم وجود مياه في رئة والده، وأن أجهزة الأمن لم تسمح لأسرته بمشاهدة محتوى كاميرات المراقبة في مكان الوفاة، وهو ما يعضد شكوك الأسرة في أن "رفسنجاني" لم يمت بشكل طبيعي.
في هذا الإطار، يُتوقع أن تتواصل التسريبات والتصريحات الكاشفة عن عمق الصراع داخل المؤسسات الأمنية للنظام الإيراني، خصوصًا مع دخول محادثات الملف النووي في فيينا مراحل مهمة، والوصول إلى مفترق طرق بخصوص السياسة الخارجية الإيرانية، وكيفية إدارة العلاقة مع حلفاء إيران بالمنطقة، تزامنًا مع تردي الوضع الاقتصادي الداخلي، حيث يدفع مناهضي توجهات الحرس الثوري باتجاه انتهاج سياسات جديدة في حال رفع العقوبات الدولية.