الحدث:
فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية "OFAC" عقوبات على شبكة دولية تموّل الحوثيين، يقودها اليمني "سعيد الجمل" بدعم من "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني. واتهمت واشنطن "الجمل"، وشركاء له يقيمون في الإمارات وتركيا والسويد والهند وسنغافورة، بإدارة شبكة من الشركات والسفن التي تهرب المنتجات البترولية والسلع الأخرى للزبائن في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، مقابل تحويل عشرات الملايين من الدولارات من عوائد التهريب إلى الحوثيين في اليمن. وتشمل العقوبات التحفظ على أي ممتلكات للأفراد والشركات المنخرطين في تلك الشبكة على الأراضي الأمريكية، ومنع الشركات الأمريكية من إجراء أي أعمال معهم.
الرأي:
يأتي الإجراء الأمريكي تزامنًا مع طلب أبوظبي إعادة تصنيف الحوثيين على قوائم الإرهاب الأمريكية، بعد هجماتهم المتكررة مؤخرًا على الأراضي الإماراتية بالطائرات المسيرة والصواريخ بعيدة المدى، وهو ما دفع واشنطن لاتخاذ عدة إجراءات لإرسال رسالة بجديتها في توفير الحماية لأبوظبي، ومن أبرزها تصدي الدفاعات الصاروخية الأمريكية في قاعدة الظفرة بالإمارات للصواريخ الحوثية، وإرسال "البنتاجون" سربًا من مقاتلات "إف-22" فضلًا عن المدمرة "كول" إلى الإمارات، لتعزيز قدرات التصدي للصواريخ الباليستية إضافةً إلى تعميق تشارك المعلومات الاستخبارية مع أبوظبي.
تثبت العقوبات الأمريكية الجديدة أن واشنطن تفصل بين مسار التفاوض حول الملف النووي الإيراني، وبين العقوبات المرتبطة بأنشطة الحرس الثوري في المنطقة، وتبرهن على أن واشنطن تسعى لدعم حلفائها، رغم انشغالها بالملف الأوكراني واقترابها من عقد اتفاق نووي جديد مع إيران، وهو ما يطمئن دول الخليج المتخوفة من تآكل قوة الردع الأمريكية في المنطقة، عقب الانسحاب الفوضوي من أفغانستان وتركيز الجهود على مواجهة الصعود الصيني.
كما تدفع تلك العقوبات باتجاه فرض المزيد من الضغوط على الحوثيين لحثهم على وقف استهداف الإمارات، باعتبار أن تكلفة ذلك عليهم تفوق المكتسبات، فضلًا عن دفعهم باتجاه القبول بالتفاوض دون سقف مطالب مرتفعة. لكن طهران والجماعات الحليفة لها أثبتوا خلال الأعوام الماضية قدرتهم على مقاومة الضغوط المالية والعقوبات الاقتصادية المفروضة عليهم، في ظل المراهنة على عامل الزمن والقدرة على تحمل الخسائر لفترات طويلة، إضافةً إلى تمرسهم في خلق شبكات تمويل أثبتت نجاعتها في الالتفاف على العقوبات الأمريكية.