الحدث:
أعلن ممثلو القائد العسكري الليبي، خليفة حفتر، في "اللجنة العسكرية المشتركة 5+5" عن تعليق كافة أعمال اللجنة لحين تلبية مطالبهم، محذرين في بيان من انقسام سياسي سيؤدي إلى انهيار اقتصادي واجتماعي وأمني، واتهموا رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، بـتعريض الأمن القومي للخطر و"النهب الممنهج وغير المسبوق لأموال الليبيين". كما اتهمو "الدبيبة" بإيقاف رواتب قواتهم العسكرية منذ أربعة أشهر، وطالبوا "القائد العام حفتر" بإيقاف تصدير النفط وإغلاق الطريق الساحلي الرابط بين الشرق والغرب، ووقف تسيير الرحلات الجوية بين شرق ليبيا وغربها وإيقاف جميع أوجه التعاون مع حكومة الوحدة الوطنية، ومكوناتها التي وصفوها بغير الشرعية لعدم تسليمها السلطة للحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة "فتحي باشاغا".
الرأي:
يأتي بيان اللجنة الحاد بعد يوم من اجتماعها مع نجلي "حفتر"، "صدام" و"خالد"، في مدينة سرت وبعد أيام من زيارة مطولة لكل من "حفتر" و"عقيلة صالح" و"فتحي باشاغا" إلى القاهرة. كما يتزامن البيان مع تصريحات "باشاغا" الحادة حول نيته دخول طرابلس قريبًا، وهو ما يثير تساؤلات حول دعم السلطات المصرية لهذه الخطوة.
من ناحية أخرى، فإن إغلاق النفط أو التلويح بذلك ليس غريبًا على النهج السياسي لـ"حفتر"؛ فمنذ سيطرته على المنشئات النفطية عام 2016 لجأ لتوظيف النفط كسلاح أكثر من مرة، أملًا في إحداث زعزعة اقتصادية لإسقاط خصومه في طرابلس تارةً، ولابتزاز السلطات المركزية لتمويله تارةً أخرى. ورغم أن الإنتاج الليبي من النفط لا تتجاوز نسبته من الإنتاج الدولي 0.7%، إلا أنه وفي ظل المتغيرات الدولية الأخيرة بعد الأزمة الأوكرانية والعقوبات الغربية على روسيا، أبدى المسؤولون الأمريكيون اهتمامًا متزايدًا بأداء المؤسسة الوطنية للنفط والإنتاج المحلي، ما يجعل ملف إغلاق النفط ملفًا حساسًا في هذه الظروف، وهذا يثير التساؤل إلى أي مدى يمكن أن سيذهب "حفتر" بتهديداته هذه المرة؟
على الجانب الآخر، يشير لجوء معسكر "حفتر" إلى هذه التحركات إلى حالة القلق والضيق، خصوصًا على المستوى المالي التي تعاني منها قواته؛ حيث لم تتقاض أجورًا مجزية منذ رفض "حفتر" تسليم قوائم بأسماء مجنديه وأرقامهم الوطنية لحكومة الوحدة الوطنية، قبل ستة أشهر تقريبًا، وهو ما أعلنه ممثلو "لجنة 5+5" في بيانهم الأخير.
في السياق ذاته، لا تقتصر الأزمة التي يواجهها "حفتر" على البعد المالي لكنها تتعدى إلى البعد الأمني كذلك؛ فقد أدى الجفاف المالي الذي تعاني منه قواته إلى قدر من التفكك داخلها، وإلى لجوئها لأساليب أخرى للحصول على المال. كما يفتح هذا التراجع المالي الباب لسلطات طرابلس والقوى الدولية المناوئة، لاستقطاب عناصر من داخل معسكره بسهولة أكبر، وهو بعدٌ أمني آخر يخشاه "حفتر"، خصوصًا في ظل السخط المتنامي داخليًا على خلفية تزايد ثروة أبنائه والحاشية المحيطة بهم، وحملة الاغتيالات للشخصيات المناوئة لهما المستمرة منذ انتهاء حرب طرابلس.