الحدث:
انتشرت مقاطع فيديو لعمليات اعتداء وضرب وحشية يتعرض لها لاجئون أفغان في إيران، عقب إقدام الشاب الأفغاني من أصول أوزبكية، عبد اللطيف مرادي (21 عامًا)، على طعن رجال دين إيرانيين في الخامس من نيسان/ أبريل الجاري، في ساحة ضريح "الإمام الرضا" بمدينة مشهد، ما أدى إلى مقتل اثنين منهم وإصابة ثالث.
الرأي:
أثارت توصيفات المسئولين الإيرانيين لمرتكب حادث الطعن بأنه "تكفيري نجس تابع لأميركا"، حالة سخط ضد اللاجئين الأفغان في إيران والبالغ عددهم نحو ثلاثة ملايين أفغاني، وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي العديد من المشاهد لعمليات ضرب مواطنين أفغان في إيران، وهو ما أثار سخط الحكومة والشعب الأفغاني، حتى إن المطرب الأفغاني الشهير "فرهاد دريا" ندد بما يحدث من انتهاكات، وخاطب الشعب الإيراني: "إذا لم نستطع أن نكون جيرانًا جيدين، فيمكننا على الأقل أن نكون أشخاصًا صالحين".
من جانبها، استدعت الحكومة الأفغانية، مُمَثّلةً في رئيس الدائرة السياسية الثانية في وزارة الخارجية الأفغانية، فيضان الله ناصري، السفير الإيراني لدى كابل لإبلاغه بالاعتراض على تلك الانتهاكات. لكن مع استمرارها، استدعى وزير الخارجية الأفغاني، أمير خان متقي، السفير الإيراني مجددًا، وسلمه مذكرة احتجاج رسمية.
ورغم الرصيد التاريخي السلبي بين حركة "طالبان" وطهران، والذي يمتد إلى مقتل تسعة دبلوماسيين إيرانيين شمال أفغانستان على يد عناصر من الحركة عام 1998، والذي كاد أن يشعل حربًا بين البلدين، إضافةً إلى دعم طهران للمعارضة الأفغانية المناهضة للحركة، إلا أن الجانبين يحرصان على بقاء العلاقات في مستوى يمكّنهما من احتواء التوترات المتكررة، مثل تلك التي تسبب فيها حادث الطعن الأخير، أو المناوشات الحدودية المتكررة بين عناصر حرس الحدود من الطرفين. وإضافةً للمصالح الأمنية المشتركة، يمثل الملف الاقتصادي أحد أوجه التعاون المفيدة بين البلدين، فبحسب إحصائيات الجمارك الإيرانية، احتلت أفغانستان عام 2021 المركز الخامس في قائمة أكبر مستوردي البضائع الإيرانية بنحو 2.3 مليار دولار.
ويرجّح أن يساهم انتماء مرتكب حادث الطعن للعرقية الأوزبكية، وليس البشتونية، عاملًا في امتصاص تداعياته. من جهته، حاول وزير الداخلية الإيراني تهدئة الأجواء الشعبية في إيران، حيث قال إن "العدو يسعى لإثارة الخلافات القومية والمذهبية بين الشعوب الصديقة"، مضيفًا أن "أفضل شباب أفغانستان قدموا أرواحهم في مواجهة التيارات التكفيرية"، وأن "الشعب الأفغاني طرد أميركا ذليلة من بلاده"، وهو ما يعكس رغبة إيرانية في احتواء الموقف وعدم ترك تداعياته الأمنية والسياسية للذهاب أبعد من هذا.