الحدث:
توتر الوضع الأمني في طرابلس على نحو حاد عقب غرق قارب قبالة شواطىء المدينة كان يقل ما بين 60-80 مهاجرا غير شرعي من عدة جنسيات. حيث أنقذت القوات البحرية 45 مهاجرًا من الجنسيات اللبنانية والسورية والفلسطينية وعثرت على جثث 8 مهاجرين، فيما لا يزال الباقون في عداد المفقودين. لكن روايات الناجين تسببت في تأجيج غضب أهالي ضحايا القارب من خلال اتهامهم خفر السواحل بتعمد الاصطدام بقاربهم وإغراقه، وهي الرواية التي نفاها الجيش مؤكدًا بأن قائد القارب قام بالاصطدام بمركب الجيش مرات عدة أثناء محاولته الهرب ما تسبب بغرقه، خصوصًا وأن حمولة القارب كانت فوق الحد المسموح به.
وشهدت المدينة، في إثر ذلك، قطعًا للطرقات، وعمليات إطلاق نارٍ كثيف تسببت بسقوط 4 جرحى، وذلك بالتزامن مع مهاجمة أهالي ضحايا القارب المستشفى الحكومي وتحطيم بعض محتوياته، ومحاولة اقتحام ثكنة الجيش العسكرية في منطقة "القبة"، فضلًا عن تمزيق صور السياسيين في المدينة مما تسبب بسقوط قتيل إثر ذلك. ولاقت هذه التطورات ردود فعل واسعة ومستنكرة من قبل معظم المسؤولين والسياسيين الذين طالبوا بفتح تحقيق شفاف يجلي الحقائق. في حين أعلن رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، الحداد العام في البلاد.
الرأي:
ليست هذه الحادثة هي الأولى من نوعها التي تفجع طرابلس وشمال لبنان عمومًا، إلا أن تزامن توقيتها مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، وما جرى في أعقابها، فتح الباب لتوظيف سياسي واحتقان شعبي أوسع. ولكن ورغم أن هناك أطرافًا سياسية تريد استغلال هذه الفاجعة للتصويب على المؤسسة العسكرية خدمة لأهدافها الخاصة عشية الانتخابات من خلال تأجيج غضب الأهالي وتوتير الوضع في طرابلس، إلا أنه من المرجح، مع جلاء مصير المفقودين خلال الأيام القادم، أن تظل تداعايات الحادث لا تعدو أكثر من كونها موجة غضب واحتجاجات عنيفة لن تتطور إلى أحداث شغب واسعة.
بالمقابل، تحاول الحكومة امتصاص غضب أهالي الضحايا عبر سلسلة خطوات بدأتها بتكليف القضاء العسكري التحقيق في الحادثة، وتكليف الهيئة العليا للإغاثة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمواكبة ذوي الضحايا، فضلًأ عن تكليف وزارات للتواصل مع الهيئات الدولية للبحث في إمكان تقديم المساعدة لهم ولذويهم.
بدوره سيعمد الجيش بالتوازي مع توجه الحكومة إلى عدم استفزاز الأهالي والتعامل مع الشارع بحكمة، وإعادة ضبط الوضع الأمني مع وصول تعزيزات كبيرة إلى المدينة وانتشارها. بينما ستسهم هذه الحادثة في تعزيز شعور المظلومية ضد الجيش، وبالأخص لدى أهالي المناطق الفقيرة التي لا تزال "مشحونة"، على خلفية توقيف عشرات من أبنائها منذ سنوات عبر ما بات يعرف بـ"وثائق الاتصال"إثر أحداث طرابلس (التبانة وجبل محسن).