الحدث:
احتضنت العاصمة المغربية الرباط الاجتماع الثالث للجنة العسكرية المختلطة بين المغرب وموريتانيا، لبحث سبل تعزيز التعاون العسكري الثنائي بين البلدين، برئاسة كل من الجنرال "دوكور دارمي بلخير الفاروق"، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، والجنرال "دو ديفزيون المختار بول شعبان"، قائد الأركان العامة للجيوش الموريتانية. ويشمل التعاون العسكري بين القوات المسلحة للبلدين، تبادل الزيارات الاستطلاعية والمشاركة في مختلف التدريبات والدعم التقني والدورات التكوينية. ويجري تكوين المتدربين الموريتانيين في مراكز التكوين التابعة للقوات المسلحة الملكية، في إطار تعزيز التعاون الإقليمي غرب البحر الأبيض المتوسط.
الرأي:
يُعدّ التعاون جزءًا من المسار الواعد لتعزيز العلاقات الأمنية بين البلدين؛ حيث يُراهن المغرب على خروج نواكشوط من حيادها وإعادة إحياء العلاقات التي أصابها الفتور والتوتر، حتى مع وصول الرئيس الموريتاني، ولد الشيخ الغزواني، للسلطة، بسبب ارتباطات "جبهة البوليساريو" بالنظام والقوى السياسية في نواكشوط. ويعمل المغرب على تعديل الكفة المائلة لمصلحة الجبهة والجزائر، وإدارتها نحو الرباط التي ترغب في "علاقات استثنائية" مع الجارة الجنوبية على أسس واقعية وعملية، يكون الجانب العسكري والأمني القاطرة المحركة لها.
ومع تصاعد التوترات الأمنية مؤخرًا في المناطق الحدودية وتأثيرها على أمن الحدود الموريتانية، بات من المحتمل أن تتبنى موريتانيا تدريجيًا سياسة أكثر انحيازًا، خاصةً بعد ما رفضت السلطات الموريتانية طلب "البوليساريو" بالسماح لها باستعمال الحدود الشمالية كقاعدة لمناوراتها بالمنطقة.
وتأتي مساعي تطوير التعاون الأمني بين المغرب وموريتانيا ضمن توجه الرباط إلى توسيع نطاق تعاونها الأمني إقليميًا، لتغيير موازين القوى إلى جانبها، وفرض واقع جديد في ملف قضية الصحراء، وهو ما يتكامل مع تبني كل من دول الخليج والأردن ومصر لموقف دعم صريح أو ضمني لسيادة المغرب على الصحراء.
من جهة أخرى، تزيد خطوات المغرب الناجحة في فرض الأمر الواقع من تصاعد قلق "البوليساريو"، وهو ما دفع الجبهة لتبني خطابات تصعيدية والتهديد بنقل حربها إلى داخل المناطق المغربية في الصحراء؛ حيث أعلن مسؤول "الجيش الصحراوي"، محمد الوالي أعكيك، عن استعداد آلاف الشبّان لتنفيذ عمليات عسكرية والقتال بكل الأساليب. وهو تصريح يعكس غضب الجبهة والجزائر من تغير المواقف السياسية عربيًا ومن قبل أطراف أوروبية تجاه دعم أجندة المغرب. ومن ثمّ، فقد تلجأ الجبهة لتصعيد عسكري لإثبات أنها متمسكة بموقفها التاريخي، بغض النظر عن تغير المواقف الإقليمية والدولية.