الحدث:
أكّد بيان صادر عن "حزب الله" أنه أطلق ثلاث مسيرات غير مسلّحة باتجاه المنطقة المتنازع عليها عند حقل "كاريش"، بمهامٍ استطلاعية في الثاني من تموز/ يوليو الجاري. وجاء ذلك بعدما أعلن المتحدث باسم الجيش "الإسرائيلي"، أفيخاي أدرعي، أن طائرات حربية وسفينة صواريخ "إسرائيلية" قامت باعتراض ثلاث طائرات مسيرة، اقتربت من جهة لبنان باتجاه ما زعم أنها "المياه الاقتصادية" لدولة الاحتلال.
الرأي:
لا تعتبر عملية "حزب الله" حدثًا مفاجئًا أو مستغربًا؛ حيث سبق أن توقعنا مثل هذا الرد من "حزب الله" على أنشطة الاحتلال في حقل "كاريش"، والتي أعادت إطلاق المفاوضات التي جريها الوسيط الأمريكي، آموس هوكشتاين، بين لبنان و"إسرائيل" في ملف الترسيم البحري (راجع رأي صدارة: أنشطة تنقيب "إسرائيلية" في حقل كاريش).
ضمن هذا السياق، يبدو واضحًا أنه لا نية لدى الطرفين في التصعيد؛ فقد أكد "حزب الله" أن المسيرات "غير مسلحة" وأنها في "مهمة استطلاعية". كما قابلت "إسرائيل" العملية برد موضعي مناسب، بل وبتأكيد على أن "المسيرات لم تشكل تهديدًا حقيقيًا"، لكنّ تلويح "حزب الله" بهذا السلاح سيفقد العاملين في الحفر الشعور بالأمن.
بالمقابل، حملت العملية في هذا التوقيت الحساس رسائل هامة مزدوجة، تجمع بين التحفيز والتهديد معًا؛ فمن جهة تدفع هذه العملية بالطرف المقابل إلى الإسراع نحو إنجاز اتفاق الترسيم، ومن جهة أخرى يذكر "حزب الله" أنه يراقب كافة أنشطة سفينة "إنرجين " الراسية قرب "حقل كاريش" عن كثب، وأنه لن يسمح بالبدء في عمليات التنقيب عن الغاز في الحقل قبل التوصل إلى حل في مفاوضات الترسيم، دون استبعاد تكرار مثل هذه العمليات في المدى القريب، خاصةً وأن المسيرات أرخص بكثير من تكلفة الاعتراض التي تتكبدها "إسرائيل".
من ناحية أخرى، يستهدف إعلان "حزب الله" عن إطلاق المسيرات التأكيد أمام الرأي العام الداخلي، على التزامه بالدفاع عن حقوق لبنان في مواجهة إجراءات حكومة الاحتلال، كما يستهدف التأكيد على أن الضغوط الأمنية الإقليمية الراهنة، خصوصًا في سوريا، لن تجعله يتجاهل ملف ترسيم الحدود البحرية.