الحدث:
تعرض مصيف قرية "برخ" التابع لقضاء "زاخو" في محافظة دهوك شمال العراق لقصف مدفعي عنيف، أدى إلى مقتل تسعة مواطنين وجرح 23 آخرين جميعهم من السياح المدنيين العراقيين. من جهتهم، أدان جميع المسؤولين العراقيين وقادة الأحزاب القصف، وحمّلوا القوات التركية المسؤولية عنه، فيما استدعت وزارة الخارجية العراقية السفير التركي لدى بغداد، وطالبت بغداد أنقرة باعتذار رسمي وسحب قواتها من عموم العراق، كما أوقفت إجراءات تعيين سفير عراقي جديد في تركيا. بالمقابل، وصفت الخارجية التركية الهجوم بأنه "إرهابي"، ودعت السلطات العراقية لتجنب إصدار بيانات متأثرة "بدعاية منظمات إرهابية"، وأبدت الاستعداد لاتخاذ أي خطوات لكشف الحقيقة وراء الهجوم، فيما نفى وزير الخارجية التركي تنفيذ جيش بلاده أي هجوم علي مدنيين في هذه المنطقة.
الرأي:
لا تبدو أن الاحتمالات كثيرة إزاء طبيعة هذا القصف؛ فليس ثمة ما يمنع أن يكون خطأً عملياتيًا تركيًا أدى إلى هذه الحادثة، إما نتيجة خطأ في عملية القصف نفسها، أو نتيجة خطأ استخباري تمثل في معلومات خاطئة أو مضللة من مصادر محلية عراقية؛ حيث تعتمد القوات التركية في جانب من معلوماتها الاستخباراتية على شبكة من المتعاونين من أهالي منطقة العمليات التي يتواجد فيها عناصر "حزب العمال الكردستاني"، وليس مستبعدًا أن تتعرض هذه الشبكة لاختراق من قبل الحزب لإمدادها بمعلومات مضللة.
الاحتمال الثاني هو أن يكون "حزب العمال" أو جهات عراقية موالية لإيران وراء هذا القصف لإلصاق التهمة بتركيا، وتعبئة مجمل الحالة العراقية ضد الأنشطة العسكرية التركية، ليس فقط شمال العراق لكن في الشمال السوري أيضًا. لكن لا يبدو هذا الاحتمال مرجحًا بقوة لسهولة كشف التحقيقات عن مصدر القصف، وطبيعة الأسلحة المستخدمة فيه.
من جهة أخرى، فإن اتهام الحكومة العراقية لتركيا بتنفيذ القصف، حتى لو لم تكن مسؤولة عنه، سيضع أمام الأخيرة عراقيل بخصوص عملياتها العسكرية؛ حيث ستسعى أنقرة لاحتواء الغضب العراقي والتعاون لإثبات عدم مسؤوليتها. ومن المرجح أن تستغل المجموعات العراقية الموالية لإيران الحادث للتصعيد ضد تركيا؛ حيث تتحضر بالفعل لإقامة تظاهرة كبرى أمام السفارة التركية في بغداد، وأمام مكاتب منح الفيزا التركية في المحافظات العراقية، وهو ما يفتح المجال لاحتمالات تعرض التواجد التركي في العراق عمومًا، المدني والاقتصادي، لتهديدات أمنية.