الحدث:
عقد نائب رئيس جهاز المخابرات التركي، جمال الدين تشاليك، اجتماعًا أمنيًا موسعًا في طرابلس حضره رئيس جهاز المخابرات الليبي وقادة تشكيلات مسلحة بالمنطقة الغربية. وخلال الاجتماع، الذي عُقد في فندق "فور بوينتس شيراتون" بالعاصمة طرابلس، ناقش المجتمعون مسألة النزاع بين الأطراف السياسية والعسكرية بالمنطقة الغربية والموقف التركي منها.
الرأي:
تشير المعلومات المسربة من الاجتماع إلى تأكيد "تشاليك" على موقف أنقرة الرافض لأي مواجهات عسكرية بالعاصمة؛ حيث أكد للقادة العسكريين أن أنقرة تعتبر أن أمن العاصمة طرابلس خطًا أحمر لا يمكن العبث به، وأنها ستتعامل مع أي طرف مهاجم لطرابلس بصفته عدوًا، استنادًا إلى الاتفاقية الأمنية والعسكرية الموقعة مع المجلس الرئاسي.
وتأتي زيارة "تشاليك" في توقيت حساس؛ حيث تشهد العاصمة احتقانًا سياسيًا وتوترًا أمنيًا، بعد تعثر مسارات الحوار والتفاوض على المستويين الأمني والسياسي. من جهتها، سعت أنقرة خلال الأشهر الماضية لرأب الصدع بين الفرقاء، ورغم دعمها لشرعية حكومة الوحدة برئاسة "عبد الحميد الدبيبة" وعدم اعترافها بحكومة "فتحي باشاغا"، إلا انها حرصت على تبني موقف متوازن تجاه طرفي النزاع، على أمل حلحلة الوضع دون خسارة أي من حلفائها بالمنطقة الغربية. لكن الرسالة الحاسمة التي حملها "تشاليك" إلى الاجتماع تشير إلى استشعار أنقرة خطورة الموقف، وارتفاع احتمال وقوع صدام مسلح في وقت قريب بين أنصار "الدبيبة" و"باشاغا".
ورغم رسالة "تشاليك" الحاسمة للأطراف الساعية لإشعال النزاع في العاصمة، إلا أن أنقرة لازالت تحتفظ بعلاقات جيدة مع تلك الأطراف. فقد أتبع المسؤول التركي رسالته الحادة بدعوته إلى التوافق مع حكومة الوحدة للوصول إلى الانتخابات، مشيرًا إلى أن المسؤولين الأتراك سيزورون مدن ومناطق مختلفة في ليبيا، للتعاون مع القادة الليبيين ذوي التوجهات المختلفة لإرساء دعائم الأمن والسلم.
في هذا الإطار، من المرجّح أن يعزز هذا الموقف التركي من موقع حكومة الوحدة الوطنية، وأن يحد من احتمالات تخطيط "باشاغا" لعملية اقتحام واسعة للعاصمة. لكنّ استمرار التوترات الأمنية، وإن بوتيرة أقل في العاصمة، سيظل احتمالًا واردًا ولا يُتوقع أن تغيب عن العاصمة الاشتباكات بصورة كاملة.