الحدث:
أعلنت قوى الأمن الداخلي اللبناني أنها سيطرت على احتجاجات اندلعت داخل مبنى الأحداث في سجن رومية المركزي؛ حيث اقتحمت قوة من مكافحة الشغب زنازين السجناء الذين واجه بعضهم القوى الأمنية بالسكاكين والسيوف المصنعة يدويًا، ما أسفر عن عدة جرحى بينهم عنصران أمنيان. وكان السجناء قد أعلنوا إضرابًا عن الطعام استمر خمسة أيام، للمطالبة بتحسين أوضاعهم وتخفيض سنة السجن من تسعة إلى ستة أشهر، إثر وفاة ثلاثة سجناء الأسبوع الماضي نتيجة الإهمال الطبي.
الرأي:
ليست هذه المرة الأولى التي ينتفض فيها سجناء سجن رومية المركزي احتجاجًا على سوء أوضاعهم داخل السجن، إلا أن ما يميز هذه الموجة الاحتجاجية أنها جاءت على وقع ازدياد حالات الوفاة داخل السجن؛ حيث تشير إحصائيات إلى وفاة أكثر من 17 حالة خلال ستة أشهر نتيجة نقص الطعام وسوء الرعاية الطبية.
وتعيد هذه الحادثة ملف اكتظاظ السجون في لبنان إلى الواجهة؛ إذ إن سجن "رومية"، كبقية السجون في لبنان، بات قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة، وهو ما يهيىء الأرضية لموجات احتجاجية داخل السجون وخارجها من قبل أهالي السجناء، الذين قاموا بعدة تحركات على الأرض، لا سيما في ظل معطيات تشير إلى أن عدد السجناء يفوق القدرة الاستيعابية للسجون الـ25 بثلاثة أضعاف، إضافةً إلى أن نحو 43% منهم من الأجانب خصوصًا السوريين. وهذا ما يفتح الباب واسعًا لأن يكون السجناء السوريون ضمن خطة لبنان لإعادة السوريين إلى بلادهم، والتي جرى بحثها مع الجانب السوري.
بالمقابل، لم تحظ أزمة اكتظاظ السجون بالاهتمام الحكومي المطلوب؛ إذ بقيت كل المساعي حتى الآن حبرًا على ورق، سواءً بوضع خطة عامة للسجون أو إصدار قانون عفو عام، بالتوازي مع تأثيرات الأزمة الاقتصادية على الأجهزة المعنية بقطاع السجون، والتي بدأت بالتراجع الحاد في عدد الضباط المكلّفين بإدارة السجون، وعدم سوق الموقوفين إلى جلسات المحاكمة لانقطاع مادة المازوت، وتعطل آليات النقل لعدم وجود قطع غيار، وصولًا إلى ما يعانيه القضاء من بطء في سير المحاكمات نتيجة الإضرابات المتكررة في الجسم القضائي.
وينذر ما لجأت إليه القوى الأمنية بفوضى أمنية وارتفاع في الجرائم المرتبطة بالأمن المجتمعي، لغياب أي رادع أو عقوبة سواءً من خلال غض الطرف أو تسهيل حالات الهروب الجماعي، كما جرى مؤخرًا من فرار 31 سجينًا في سجن قصر عدل بيروت، أو إطلاق سراح الموقوفين على ذمة قضايا سرقة والاكتفاء بإمضائهم على تعهد بعدم تكرار السرقة، نتيجة عدم قدرة النظارات وأماكن الحجز على الاحتفاظ بهم تمهيدًا لإحالتهم للتحقيق والمحاكمة.