الحدث:
سلّمت "كتيبة ثوار طرابلس" التابعة لـ"أيوب بوراس" ما تبقى من مقراتها في طرابلس إلى "اللواء 444" التابع لرئاسة الأركان، فيما تتمركز الكتيبة حاليًا بمنطقة وادي الربيع بضواحي طرابلس استعدادًا لمغادرة المدينة.
الرأي:
تأتي التطورات الأخيرة بعد شهر حافل بالاشتباكات بين الفصائل المسلحة بطرابلس وخارجها، والتي انتهت بتغير كبير في خارطة النفوذ بالعاصمة، أدى لإنهاء وجود اثنين من أبرز الفصائل المسلحة التي هيمنت على المشهد منذ عام 2016، وهي "كتيبة النواصي" و"كتيبة ثوار طرابلس".
في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن خارطة النفوذ الجديدة تتضمن أربعة تشكيلات أساسية، هي:
- "قوة الردع الخاصة" التي باتت تهيمن على معظم المناطق الحيوية وسط العاصمة طرابلس (سوق الجمعة، طرابلس المركز)،
- "جهاز دعم الاستقرار" المهيمن على بلدية بوسليم،
- "اللواء 444" المتمركز بعدد من المناطق الحدودية لطرابلس، مثل قصر بن غشير، وادي الربيع ومنطقة عين زارة وصلاح الدين،
- "كتيبة رحبة الدروع" المتمركزة بتاجوراء،
- كما يتمركز بمناطق غرب طرابلس عدد من التشكيلات المسلحة الأخرى مثل "فرسان جنزور" و"قوات الزنتان" التابعة لـ"عماد الطرابلسي".
ويخدم هذا التقسيم الجديد لمناطق النفوذ "قوة الردع" بصورة أساسية؛ حيث تمددت في أكثر مناطق طرابلس حيوية (بلدية طرابلس المركز)، التي تضم عدة مؤسسات هامة أبرزها المصرف المركزي ووزارة الخارجية، ما يجعلها التشكيل الأكثر نفوذًا في أروقة الحكومة. يليها في ذلك "اللواء 444" المتفرع عن طقوة الردع" سابقًا؛ حيث ضمن سيطرته على معظم المناطق الحدودية جنوب وجنوب غرب طرابلس وأكبر مناطقها عين زارة، وهي مناطق مجاورة لمدينة ترهونة التي تتمركز فيها قوات اللواء وتتخذها منطلقًا لعملياتها الصحراوية. يليهما "جهاز دعم الاستقرار" الذي تخلص من أبرز منافسيه ومد سيطرته على المناطق المجاورة لبلدية بوسليم، ما يجعله الجهة المهيمنة على أكبر كتلة سكانية بالمدينة، في حين لم تستفد "كتائب تاجوراء" من التغيرات الأخيرة.
من جهة أخرى، يُتوقع أن إقصاء كل من "ثوار طرابلس" و"النواصي" من المشهد أن يقلل نقاط الاحتكاك بين التشكيلات المسلحة داخل طرابلس، والذي ربما سينعكس إيجابًا على الأوضاع الأمنية الفترة القادمة، إلا أنه سيفتح المجال أمام التشكيلات المنتصرة للتنافس فيما بينها على التمدد داخل أجهزة الدولة ومؤسساتها، ويمنحها نفوذًا متزايدًا على السلطة السياسية بالعاصمة.
على المدى القصير، يبدو أن رئيس الحكومة، "عبد الحمد الدبيبة، انتصر في معركته مع خصومه؛ حيث تمكن من عقد صفقة مع "حفتر" وإنهاء وجود التشكيلات الموالية لكل من رئيس الحكومة الموازية، فتحي باشاغا، وأسامة الجويلي، في طرابلس. لكن على مدى أبعد، فثمة شكوك حول قدرة "الدبيبة" على السيطرة على التشكيلات التي منحته فوزه العسكري الأخير.