الحدث:
توفي المواطن الأردني "زيد صدقي علي دبش" (37 عامًا) أثناء فترة توقيفه في سجن ماركا، نتيجة ما يُعتقد أنه تعذيب أفضي إلى الموت على يد رجال الأمن. وقال أحد أقارب المتوفَّى إن دورية أمنية أوقفته وسلمته لمركز أمن الشميساني بعمّان، ليتم تحويله إلى سجن ماركا، مضيفًا أن ضابطًا من سجن ماركا اتصل في هذه الأثناء بالعائلة ليخبرهم بوفاة "دبش"، دون إبداء أسباب الوفاة. من جهته، كشف وكيل الأسرة، المحامي "مالك أبو رمان"، أن آثار التعذيب تدل على أن "دبش" تعرض للضرب المفضي إلى الموت، لافتًا إلى أن هذه الآثار شملت يديه ورجليه وظهره وبطنه وأذنيه، وأن القيود أدت إلى كسر عظامه.
الرأي:
أكدت تقارير دولية ومحلية عديدة غير مرة على وجود التعذيب داخل السجون الأردنية، وإفلات مرتكبيها من العقاب، تزامنًا مع تخفيض تقرير مرصد "سيفيكوم"، وهو مؤشر بحثي عالمي، تصنيف الأردن عام 2021 من معوق لحقوق الإنسان إلى "قمعي". لذلك تكشف حادثة وفاة "دبش" عن استمرار نهج العصا الأمنية الغليظة، وتمتع الأجهزة الأمنية الأردنية بطمأنينة كاملة وضوء أخضر للإفلات من العقاب.
كما تأتي هذه الحادثة ضمن أجواء وسياق عام تعيشه المملكة، بات عنوانه الأبرز إطلاق يد الأجهزة الأمنية بأنواعها لتصدّر مشهد إدارة الدولة، بمفهوم أمني يراه صانع القرار أقل كلفة من عمليات الإصلاح ورفع سقف الحريات السياسية وتعزيز حقوق الإنسان.
وتعزز الأرقام الدولية والمحلية التراجع البارز في حالة حقوق الإنسان بالمملكة، وهو ما تؤكده أرقام "المركز الوطني لحقوق الإنسان" (شبه حكومي)، الذي أعلن في تقريره السنوي لعام 2020 أن قضايا التعذيب المرتكبة بحق نزلاء السجون بلغت 42 قضية مسجلة لدى النيابة العامة الشرطية. وأضاف التقرير: "مُنعت محاكمة 35 من قبل المدعي العام الشرطي، بينما حوكم سبعة أمام قائد الوحدة، مقارنةً بـ17 قضية عام 2019، و29 قضية عام 2018".
أما مؤشر منظمة بيت الحرية "فريدوم هاوس"، فقد أظهر في التقرير السنوي لعام 2020 تراجع اﻷردن في سلم الحريات المدنية والحقوق السياسية، بحصوله على الترتيب 34 عالميًا، ليصبح دولة "غير حرة"، بعد أن كان مصنفًا ضمن الدول الحرة جزئيًا.