الحدث:
شهدت الأيام الماضية تصعيدًا في وتيرة الهجمات المسلحة في إيران؛ ففي الـ25 من تشرين الأول/ أكتوبر قُتل العقيد بالحرس الثوري، مهدي ملاشاهي، برفقة عضو من قوات التعبئة "الباسيج" في مدينة زاهدان. في اليوم التالي، فتح مسلح النار على زوار ضريح "شاه جِراغ" في مدينة شيراز بمحافظة فارس، ما أسفر عن مقتل 15 شخصًا على الأقل وإصابة 20 آخرين. وفي اليوم ذاته، قُتل بالرصاص ضابط برتبة نقيب في الحرس الثوري في مدينة ملاير بمحافظة همدان، وعضوان من الباسيج في مدينة آمل بمحافظة مازندران، كما قُتل ضابط برتبة رائد بالحرس الثوري بالرصاص على يد متظاهرين، بالعاصمة طهران في الـ27 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري أيضًا.
الرأي:
يمثّل التنوع الجغرافي لتلك الهجمات المسلحة من مازندران شمال إيران إلى سيستان وبلوشستان جنوب شرق البلاد، ومحافظة فارس جنوب غرب ومحافظة همدان في الغرب، فضلًا عن العاصمة طهران، تصعيدًا متزامنًا يشتت تركيز الأجهزة الأمنية، ويشير إلى احتمال وجود تنسيق بين الجهات المنفذة لتلك الهجمات أو بعضها على الأقل، أو أن انتشار المظاهرات يساهم في تسهيل حركة المسلحين وفرص اقترابهم من رجال الأمن.
كما إن أغلب الهجمات وقعت في مناطق تشهد نشاطًا لجماعات مسلحة معارضة، مثل المناطق الغربية الكردية أو بلوشستان، فيما يلاحظ أن الهجمات استهدفت عسكريين باستثناء الهجوم على ضريح "شاه جِراغ" الذي تبناه تنظيم "داعش". وقد حمل نمط الهجوم بصماته المتكررة في أفغانستان المجاورة، والتي تستهدف مدنيين في أماكن عبادتهم؛ حيث يضم الضريح المستهدف قبري الأخوين "أحمد" و"محمد" أبناء "الإمام موسى الكاظم"، ثالث أهم المزارات الدينية في إيران بعد ضريح الإمام الرضا في مشهد وضريح السيدة فاطمة في قم، وهو ما يعطي رمزية طائفية دينية للهجوم. وقد أظهرت مشاهد الهجوم المصورة ضعف الحماية الأمنية للضريح، وتجول المهاجم حاملًا سلاحًا آليًا بأريحية داخل الضريح لفترة طويلة، ما مكنّه من قتل وإصابة هذا العدد الكبير من الزوار قبل أن يُصاب ويُلقي القبض عليه ثم توفىّ في الـ28 من الشهر الجاري، فيما تضاربت الأنباء حتى الآن حول جنسية المهاجم إذ تردد أنه أفغاني.
كذلك، فإن تزامن تلك الموجة من الهجمات مع استمرار المظاهرات الاحتجاجية، فضلًا عن مشاركة أعداد غفيرة في أربعينية الشابة المتوفاة "مهسا أميني"، يشير إلى أن موجة الاضطرابات الحالية التي تشهدها إيران لم تخفت لكنها تشهد تصاعدًا في المظاهر المسلحة، فيما تتهم الحكومة الإيرانية أطرافًا إقليمية ودولية بالوقوف خلف تلك الأحداث، ردًا على دور طهران الإقليمي وتقديمها لعتاد عسكري لروسيا لاستخدامه في حرب أوكرانيا. ويبدو أن المشهد الإيراني الداخلي مقبل على مزيد من التصعيد لعوامل داخلية وخارجية، وهو ما يُتوقع أن يستنفر الأجهزة الأمنية ويجعلها تنتهج أساليب أكثر حدة في التعامل مع الاحتجاجات.