الحدث:
أخلت قوات من الجيش المصري بالقوة نحو 60 أسرة ينتمون لقبيلة الرميلات من منطقة بجنوب الشيخ زويد، في الـ29 من تشرين الأول/ أكتوبر، بحسب ما وثقت "مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان"، حيث احتجزتهم في مدرعات عسكرية قبل أن تتركهم في منطقة نائية. كما أخلت القوات عشرة تجمعات سكنية بمناطق وقرى جنوب غربي رفح شمال شرق سيناء، بحسب ما نقلت المؤسسة عن بعض الأهالي الذين أجبرتهم قوات الجيش على الرحيل. وبحسب شهادات الأهالي، فإن التجمعات تضم أسرًا وأشخاصًا من قبيلة السواركة، الذين شارك بعضهم بالفعل في عمليات الجيش ضد تنظيم "ولاية سيناء"، ومع استقرار الأوضاع الأمنية ووعود المسؤولين لهم قرروا العودة في تموز/ يوليو الماضي إلى مناطقهم التي أخلوها من قبل.
الرأي:
تمثل هذه التطورات تهديدًا لجهود الجيش تجاه الاعتماد على قبائل سيناء في القضاء على تنظيم "ولاية سيناء"؛ حيث توسع دور "اتحاد قبائل سيناء" في الأشهر الأخيرة في هذا الصدد، منذ أذار/ مارس الماضي، فلم يعد مقتصرًا على قبيلة "الترابين" بل انضمت إليه قبيلتا "السواركة" و"الرميلات"، وإن كان بنسبة أقل، وقد خاض الاتحاد مواجهات مع مسلحي "ولاية سيناء" دون مرافقة قوات الجيش. ويبدو أن بعض هذه الأسر أخليت من أماكنها خلال المعارك مع التنظيم، والتي تكللت باستعادة الجيش سيطرته على قرية المقاطعة جنوب الشيخ زويد، مدعومًا باتحاد القبائل.
في السياق ذاته، يشير خطاب أحد وجهاء القبائل وشهادات بعض الأفراد إلى حالة تخبط من قبل السلطات في سيناء، وتضارب الرؤية الأمنية بين حاجة السلطات للترويج لعودة الأسر كمظهر لاستعادة الدولة السيطرة على المنطقة، وبين رؤية الجيش الأمنية التي فيما يبدو تميل نحو توسيع نطاق المناطق الخالية من السكان ومنع عودة الأهالي، بما يضمن أن تظل هذه المناطق أرضًا محروقة لا يمكن لخلايا "تنظيم الدولة" الانطلاق منها أو الاختباء فيها. وهو ما يعززه تقارير صحفية كشفت عن قرار عسكري جرى توزيعه على أصحاب معامل الطوب في رفح والشيخ زويد، يقضي بمنع صب الطوب للمواطنين العائدين لقراهم لمنع إعادة بناء ما هدم أثناء العمليات العسكرية.
كما يلاحَظ هذا التضارب في موقف السلطات أيضًا في تعليقات "موسى سالم المنيعي"، أحد أبرز القيادات القبلية المتعاونة مع الجيش؛ حيث تراجع عن انتقاده لقرار الإخلاء، مؤكدًا أنه "تصرف فردي" وأن اتصالات مع قيادات بالجيش أكدت له عدم وجود قرار بإخلاء قرى المقاطعة والخرافين وقوز أبو رعد وأطراف المهدية.
بصورة عامة، ستمثّل مسألة عودة السكان إلى أماكنهم نقطة شائكة قد تضع دعم المجموعات القبلية لعمليات الجيش، أو بعضها على الأقل، على المحك؛ لأن هذا التحالف بُنى في أحد أسسه على قاعدة قيام القبائل بدور أمني في مواجهة تنظيم "ولاية سيناء" ودفاعهم عن أرضهم وممتلكاتهم، وبالمقابل تنتظر هذه المجموعات من السلطات تأمين مصالحها الحياتية الأساسية، وعدم تعريض عائلاتهم للتهجير وممتلكاتهم للمصادرة.