الحدث:
أعلن "مولوي عبد الحميد" خطيب جمعة أهل السنة في زاهدان أن 16 شخصًا على الأقل قُتلوا في احتجاجات اندلعت يوم الجمعة 4 تشرين ثاني/نوفمبر بمدينة خاش في محافظة سيستان بلوشستان عقب تجمع عدد من الشبان أمام مكتب قائمقام المدينة، ورشقهم له بالحجارة، حيث ردت عليهم قوات الأمن بإطلاق الرصاص. وفي 6 تشرين ثاني/نوفمبر نقلت "وكالة فارس" عن قائد قوى الأمن الداخلي في مدينة بمبور بذات المحافظة أن 4 من عناصره قُتلوا في حادث.
الرأي:
تساهم أحداث مدينة خاش في تأجيج حالة التوتر التي اندلعت في محافظة بلوشستان عقب مقتل 93 متظاهرا في احتجاجات أعقبت صلاة الجمعة في 30 أيلول/ سبتمبر الماضي على خلفية اغتصاب فتاة بلوشية على يد شرطي بالتزامن مع مقتل الشابة "مهسا أميني" في طهران. وقد دفعت تلك التطورات أحد أبرز القيادات المجتمعية البلوشية، وهو "مولوي عبد الحميد" لتغيير خطابه، فبعد أن كان يدعو في خطبة الجمعة المواطنين لعدم التظاهر أصبح يندد بحوادث قتل المتظاهرين حتى أنه قال (الشعب الذي يتظاهر منذ 50 يوماً في الشوارع لن تستطيعوا إرغامه على التراجع عبر القتل والاعتقالات)، وهو ما يضعه في صدام مباشر مع السلطات في طهران.
بالمقابل ارتفعت وتيرة الهجمات المسلحة في بلوشستان عقب مجزرة 30 سبتمبر، وشملت عمليات نوعية أسفرت عن مقتل العميد "سيد هاشمي" مسؤول استخبارات الحرس الثوري بالمحافظة، و"مهدي ملاشاهي" العقيد بالحرس الثوري، كما امتدت الاغتيالات لتشمل عناصر مدنية محسوبة على الحكومة مثل "سجاد شهركي" إمام الجماعة بمسجد "مولى المتقين" الشيعي بمدينة زاهدان، بينما نجا "مهدي خليل آباد" قاضي التحقيق في مدينة سراوان من محاولة اغتيال.
وكذلك شملت الهجمات دوريات أمنية ومقرات مدنية تمثل رمزية للدولة، فقد استهدف مسلحون سيارة تابعة لوحدة "مغاوير عمار" قرب مدينة ايرانشهر مما أدى إلى مقتل ضابط وإصابة 3 آخرين، في حين خاضت قوات الأمن اشتباكاً دام نصف ساعة حاول خلاله المهاجمون السيطرة على محطة قطار في مدينة زاهدان، ثم جاء حادث مقتل 4 أفراد من عناصر الأمن الداخلي ليشير إلى تصاعد وتيرة وحجم الهجمات.
يأتي التصعيد في الهجمات المسلحة بعد فترة وجيزة من نشر "جيش العدل" المتمركز على الحدود الباكستانية الإيرانية صورا لعرض عسكري لعناصره، حيث يُعد التنظيم المذكور من أبرز الجماعات المسلحة التي تطالب باستقلال إقليم بلوشستان الذي تعرض للتجزئة بين إيران وباكستان وأفغانستان منذ عهد الاحتلال البريطاني للهند.
يبدو أن الأوضاع في بلوشستان ستتجه نحو المزيد من التصعيد في ظل عنف الأجهزة الأمنية في التعامل مع المتظاهرين بشكل أكثر دموية عن بقية المحافظات، وهو ما يزيد غضب البلوش الذين ينتمون إلى المذهب السني ويشكلون 85% من بين 3 مليون شخص يعيشون في بلوشستان.