الحدث:
نشرت وسائل إعلام إيرانية في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري لقطات مصورة، تكشف استخدام طائرات بدون طيار لتحديد وتتبع المتظاهرين في محافظة فارس، ثم القبض عليهم عبر رصد خط سيرهم.
الرأي:
مع دخول "الحرس الثوري" بقوة على خط التصدي للمظاهرات المندلعة في إيران منذ منتصف أيلول/سبتمبر الماضي، عقب مقتل الشابة "مهسا أميني" إثر توقيفها على يد "شرطة الأخلاق"، نشرت استخبارات "الحرس الثوري" في وسائل الإعلام تسجيلات توضح جهودها. ومن أبرز تلك الجهود استخدام الطائرات المسيرة إيرانية الصنع في رصد المتظاهرين، والتي دخلت دائرة الضوء بقوة محليًا وإقليميًا ودوليًا خلال العام الجاري.
على المستوى المحلي، سبق أن أعلنت استخبارات "الحرس الثوري" في تموز/ يوليو الماضي القبض على عدد من الأجانب، من بينهم "رونالد غشين" زوج المستشارة الثقافية للسفارة النمساوية في إيران، ومساعد السفير البريطاني، ونشرت لهم تسجيلات مصورة بطائرات مسيرة خلال جمعهم عينات من التربة من صحراء شهداد في محافظة كرمان، حيث تُجرى التجارب الصاروخية "للحرس الثوري". وهذا ما يشير إلى تكثيف استخدام الطيران المسير في أنشطة محلية داخل إيران، لمراقبة ورصد الأنشطة التي تشتبه فيها الأجهزة الأمنية.
وعلى الصعيد الإقليمي، افتتح رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء "محمد باقري"، في أيار/مايو من هذا العام مصنعًا لإنتاج طائرات استطلاع مسيرة من طراز "أبابيل 2" في العاصمة الطاجيكية دوشنبه، وذلك في ظل التعاون بين البلدين لتأمين الحدود الطاجيكية مع أفغانستان عقب سيطرة حركة "طالبان" على البلاد، فضلًا عن دعم إيران لطاجيكستان ذات العرقية الفارسية في مواجهة قيرغيزستان ذات العرقية التركية بعد شرائها مسيرات "بيرقدار" من أنقرة العام الماضي.
أما على الصعيد الدولي، فقد لعبت الطائرات الإيرانية المسيرة دورًا بارزًا في الحرب الدائرة في أوكرانيا، إثر استخدام الروس لها بشكل مكثف في قصف البنية التحتية الأوكرانية خصوصًا محطات الطاقة، فضلًا عن الأهداف العسكرية الثابتة. وقد سلط ذلك الضوء على قدرات المسيرات الإيرانية، حتى إن مستشار المرشد الإيراني اللواء "يحيى رحيم صفوي"، كشف في تشرين الأول/ أكتوبر أن 22 دولة تقدمت بطلبات شراء للطائرات المسيرة من إيران، وهو ما يوفر لطهران موارد اقتصادية ويكسبها تأثيرًا جيوسياسيًا.
في هذا الإطار، يعكس استخدام المسيرات في التدابير الأمنية لإنهاء المظاهرات إصرار السلطات الإيرانية، على تبني مقاربة أمنية بالأساس للتصدي للاحتجاجات، وهو ما يعني توقع مزيدًا من الصدام بين الأجهزة الأمنية والمتظاهرين، وتواصل عمليات الاعتقال والمحاكمات، خصوصًا بعد أن قُدم حوالي ألف شخص للمحاكمة في طهران فقط بتهم إثارة الشغب.