مصر: رقابة أمنية شاملة على الأنشطة التجارية

مصر ... اشتراط موافقة أمنية لممارسة أنشطة تجارية يعزّز سياسات الرقابة الشاملة

الساعة : 15:45
14 ديسيمبر 2022
مصر ... اشتراط موافقة أمنية لممارسة أنشطة تجارية يعزّز سياسات الرقابة الشاملة

الحدث:

أصدر وزير التنمية المحلية المصري، اللواء هشام آمنة، قرارًا يتضمن إخضاع الأنشطة التجارية إلى "الموافقة الأمنية" لاستكمال مسار قانون تراخيص المحال العامة. وذكر بيان للوزير أن الغرض من القرار هو تقديم الخدمات اللازمة لجميع الأنشطة التجارية، فضلًا عن اجتذاب الاستثمارات الخارجية، موضحًا أن القانون يهدف إلى "تحقيق طفرة إيجابية في المعدلات الاقتصادية في مصر". و نشرت الجريدة الرسمية المصرية القرارات التنفيذية الخاصة بقانون المحال العامة الصادر برقم 154 لعام 2019، ليصبح بذلك ملزمًا للأطراف المعنية. وشمل القرار 83 نشاطًا تجاريًا، بينها على سبيل المثال: كافة محال بيع المواد الغذائية والمشروبات "البقالة والسوبر ماركت"، وبيع الملابس، ومحال الاتصالات، والتصوير، ونقل البضائع، وتأجير السيارات، والذهب، والمصانع، إضافةً إلي محلات تصليح ومسح الأحذية، وبيع المواشي، وأكشاك السجائر، وأكشاك بيع العصير، ومحال الديكورات، والخردوات، والدهانات، وصالات الألعاب الرياضية، ومحلات تصفيف الشعر.

الرأي:

يعكس القرار، من الناحية الأمنية، استمرار سياسات تعزيز الرقابة الشاملة التي تتبناها الحكومة المصرية على مدار السنوات الماضية؛ حيث سيوفر هذا القرار للأجهزة الأمنية قدرة أوسع وبصورة تنظيمية طبيعية على استكمال قاعدة البيانات الرقمية، التي تشمل كافة الأنشطة الاقتصادية والمالية التي تجري في المجتمع، تزامنًا مع الاتجاه لتعميم نظام الدفع الإلكتروني الذي يضمن معرفة مصادر الدخل وحجمه، ومن ثم يساهم أمنيًا في ضبط حركة الأموال وتحديد مصدرها، كما يساهم اقتصاديًا في قدرة الدولة على تحصيل كميات أعلى من الضرائب.

واللافت في الأمر أيضًا هو أن قائمة الأنشطة التجارية تغطي كافة القطاعات التي لا تحمل أي أبعاد أمنية؛ حيث كانت تقتصر في السابق على المؤسسات الإعلامية ومراكز الأبحاث والدراسات، وغيرها من الأنشطة التي قد يتضمن عملها أبعادًا تمس الأمن. لكن اتساع نوع الأنشطة يعكس أن المستهدف ليس الرقابة على ممارسات معينة لها طابع أمني، بل مراقبة الأفراد أنفسهم. فمن ناحية نظرية، يمكن للأجهزة الأمنية في ظل القانون الجديد أن تمنع أشخاصًا ذوي توجهات سياسية معينة، من ممارسة أنشطة تجارية في قطاعات بعينها، أو حتى تعيق ممارساتهم التجارية بصورة عامة كنوع من العقاب، أو بهدف الضغط عليهم ومساومتهم.

من جهة أخرى، قد تُزيد مثل هذه الأدوار الإدارية من المهام الملقاة على موظفي الأجهزة الأمنية ومساحة تقاطعهم مع أنشطة المواطنين التجارية، وهو ما يُتوقع أن ينتج عنه مزيد من الموارد المالية التي تتحصل عليها وزارة الداخلية، من خلال الرسوم الرسمية التي سيتم فرضها للحصول على التصريح الأمني، فضلًا عن الموارد غير القانونية التي ستواكب هذا الدور، متمثلةً في الرشوة أو حتى في ابتزاز المواطنين للحصول على الموافقة.