الحدث:
كشفت صحيفة "صباح" التركية المقربة من الحكومة أن الاستخبارات التركية (MİT) ضبطت خلية تجسس كبيرة، تعمل لصالح جهاز "الموساد الإسرائيلي" على الأراضي التركية، وقامت بعملية تجسس واسعة على أشخاص ومؤسسات ومنظمات فلسطينية تعمل في تركيا. وجرى تنفيذ عملية أمنية واسعة من قبل مديرية أمن إسطنبول (شعبة المخابرات ومديرية مكافحة الإرهاب)، بالتعاون مع جهاز المخابرات التركي، أسفرت عن اعتقال 44 شخصًا يتزعمهم "إسماعيل يتيم أوغلو"، رئيس "جمعية المحقق الخاص" والتي تمارس نشاطًا رسميًا، لكنها قدّمت خدمات تجسس لـ"الموساد" تحت مسمى "خدمات استشارية خاصة". وبينما تتواصل التحقيقات، لا تزال جهود إلقاء القبض على 13 آخرين متواصلة، لم تكشف الصحيفة إن كانوا داخل أم خارج تركيا. ومن بين أبرز الموقوفين أيضًا رئيس شركة تقدم خدمات التحقيقات الخاصة، وهو موظف حكومي متقاعد، وكان يعطي محاضرات في جامعات ومؤتمرات محلية ودولية حول "تقنيات وطرق بحث المحقق الخاص".
الرأي:
تعتبر عملية الاستخبارات التركية أحدث عملية تستهدف مشتبهين بالتجسس لصالح جهاز المخابرات "الإسرائيلي" "الموساد"، عقب إعادة تطبيع العلاقات بين أنقرة و"تل أبيب" وتبادل السفراء مؤخرًا. وتوضح هذه العملية أن تطبيع العلاقات لم يُثنِ "الموساد" عن مواصلة عمله على الأراضي التركية، بل والعمل بطرق متنوعة؛ حيث اتجه لتشكيل خلايا من مواطنين أتراك بعد اكتشاف أمر خلايا شكّلها من طلاب عرب وفلسطينيين، للتجسس ولمتابعة التواجد الفلسطيني في الأراضي التركية.
ويظهر اعتقال الخلية الجديدة استمرار معركة خفية بين الاستخبارات التركية و"الموساد"؛ حيث أوقفت السلطات التركية، في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، 15 مشتبهًا بالتجسس والعمل لصالح "الموساد"، خلال عملية متزامنة في إسطنبول ومدن أخرى، وكان معظم المتهمين من الطلاب الموفدين للدراسة في تركيا. وتضاف عملية اعتقال خلية "الموساد" الأخيرة إلى العمليات التي أحبطها جهاز الاستخبارات التركي خلال الأشهر الأخيرة، والتي كان أبرزها اعتقال خلايا إيرانية كانت تحاول تنفيذ أعمال ضد مسؤولين "إسرائيليين" في تركيا، وكذلك اعتقال عناصر كانت تعمل لصالح روسيا كانت تخطط لتنفيذ عمليات ضد عناصر شيشانيين.
من جهة أخرى، يشير تكرار مثل هذه الظاهرة مؤخرًا إلى التحدي الأمني الذي يواجهه جهاز الاستخبارات التركية، نتيجة وجود جاليات عربية على الأراضي التركية، وهو ما يدفع عدة جهات أمنية إقليمية لمحاولة اختراق هذه الجاليات وجمع معلومات عن أنشطتها، وهو أمر من المتوقع أن يستمر خلال المدى القريب.
بالمقابل، لا يُتوقع أن تؤدي هذه الحادثة إلى تعثر مسار تطبيع العلاقات التركية "الإسرائيلية"، والذي يشهد تعاونًا أمنيًا متناميًا، خاصةً وأن تركيا تنظر إلى العلاقة مع "إسرائيل" من زاوية مصالح البلاد الاستراتيجية شرق المتوسط.