الحدث:
قُتل جندي إيرلندي وجُرح ثلاثة آخرون إصابة أحدهم خطرة من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل"، ليل الأربعاء الماضي في بلدة "العاقبية" على الطريق البحرية بين "الزهراني" و"صور" جنوب لبنان، بينما كانوا متجهين بآليتهم المصفحة نحو مطار بيروت الدولي. وفيما لم تُحسم بعد ملابسات الحادثة، إلا أنه أصبح مؤكدًا حدوث إشكال مع أهالي وشبان البلدة الذين اعترضوا على سلوك الآلية طريقًا خارج منطقة عمليات "اليونيفيل" جنوب لبنان، لتتعرض بعدها الآلية لإطلاق نار من جهات متعددة أدى لإصابة السائق في رأسه ومقتله على الفور، وانقلاب الآلية وارتطامها بعمود حديدي ما أدى لجرح الجنود الثلاثة الذين كانوا فيها. في غضون ذلك، باشر القضاء العسكري وقوات "اليونيفيل" التحقيق في ملابسات الحادثة، كما أوفدت وزارة الدفاع الإيرلندية لجنة لمتابعة سير التحقيقات، وسط إدانات محلية ودولية واسعة أجمعت على ضرورة إجراء تحقيق سريع وشامل لمعرفة ما جرى ومحاسبة الفاعلين.
الرأي:
ليست هذه المرة الأولى التي تقع فيها حوادث بين أهالي البلدات الجنوبية وقوات "اليونيفيل"، إلا إنها الحادثة الأولى من بين تلك الحوادث التي تتعرض فيها آلية تابعة لهذه القوات لإطلاق نار يسفر عن سقوط قتيل. كما تعتبر الحادثة الأولى بعد تجديد مجلس الأمن لمهام "اليونيفيل" في آب/ أغسطس الماضي، والذي حمل تعديلًا مهمًّا منحها حرية التحرك دون إذن مسبق أو تنسيق مع الجيش اللبناني للاضطلاع بالمهام الموكلة إليها، بما يسمح لها بإجراء عملياتها بشكل مستقل.
من جهته، وفي قراءته للحدث وتداعياته، يرى مركز "صدارة" على أن وقوع الحادث في منطقة تخضع لنفوذ "حزب الله"، الذي يعارض بشدة التعديل في مهام "اليونيفيل"، يدلل على أن اعتراض "الأهالي" ربما كان يهدف لتوجيه رسالة "مضبوطة" كسابقاتها، تفيد بضرورة ضبط حركة قوات "اليونيفيل" في مناطق نفوذ "الحزب"، إلا أن الأمور فيما يبدو "تطورت وخرجت عما كان مخططًا لها"، وهو ما دفع "الحزب" للمسارعة بنفي أي صلة له بالحادث، والسعي نحو تبريد الأجواء وفتح تحقيق داخلي حول ملابسات الحادث.
بالمقابل، بدا جليًا أن قيادة "اليونيفيل" أيضًا سلكت مسار التهدئة وعدم التصعيد، من خلال متابعة عملها بشكل اعتيادي في اليوم التالي، وفي صياغة بيانها الأول عن الحادث ووصفه بأنه "وقع خارج منطقة عملياتها."
في الخلاصة، سيتم استغلال الحادث إعلاميًا وسياسيًا على الصعيدين الداخلي والخارجي ضد "حزب الله"، ولا يُمكن استبعاد عدم تكرار أي حوادث احتكاكٍ بين قوات "اليونيفيل" و"الأهالي" في الجنوب، إلا أن "حزب الله" سيعمل بشكل أكبر على ضبط بيئته الجنوبية وتجنب وقوع أي إشكالات "قدر الإمكان"، لوجود مصلحة بعدم التصعيد جنوبًا لا سيما بعد اتفاق الترسيم.
من جهة أخرى، ووسط تواجد فريق إيرلندي يتابع مسار التحقيقات في بيروت، فإن الحادثة لن تمر كسابقاتها عبر "لملمة الملف"، وهو ما سيقتضي من الدولة اللبنانية و"حزب الله" اتخاذ خطوة أكثر تقدمًا في توقيف المتورطين بالحادث، ووضع ما جرى في خانة الحادث "الفردي" غير المتعمد أو المغطّى من أي جهة.