الحدث:
مع اقتراب نهاية عام 2022، كشفت أوساط عسكرية "إسرائيلية" أن 14 جنديًا أقدموا على الانتحار منذ بداية العام خلال تأديتهم الخدمة العسكرية، وهي الحصيلة الأعلى منذ خمس سنوات. وتكشف المعطيات أن الغالبية العظمى من المنتحرين من الجنود الذكور، لا يتركون خلفهم أي خطابات أو رسائل تشرح أسباب انتحارهم. ولم يتوصل الجيش لنتيجة واضحة تفسر زيادة الانتحار في صفوف الجنود، وذلك تزامنًا مع مقتل عدد آخر من الجنود خلال عمليات المقاومة الفلسطينية منذ اندلاع موجة الهجمات في أذار/ مارس الماضي.
الرأي:
لعل الكشف عن هذه الأرقام تزامنًا مع اقتراب انتهاء ولاية قائد الجيش، أفيف كوخافي، يشكل بصمة سلبية يختم بها سجله العسكري. ولا تخفي قيادة جيش الاحتلال أنها أبلغت كبار ضباطها بالحرص على زيادة اليقظة والاهتمام اللازم بالجنود، لمنع زيادة حالات الانتحار في صفوفهم. فقد قررت القيادة فتح خط ساخن للجنود الذين يعانون من مشاكل نفسية، وتحضير برنامج عمل يهدف للحدّ منها، يشمل تقليص ساعات حيازة الجنود للسلاح وتوسيع دائرة تعليمهم ودورات تأهيلهم. كما يجري فتح تحقيق في أي حالة اشتباه في انتحار أو محاولة انتحار، دون قدرة قسم الموارد البشرية والهيئة الطبية من تفسير الزيادة في الظاهرة، فضلًا عن فشل خطة الجيش في منع أو تقليل حالات الانتحار، وهي الخطة التي تشتمل الحد من توافر الأسلحة، وتوسيع أدوات التعلم، والتغييرات في الأوامر والإجراءات، وتطوير أدوات التدريب للقادة.
وتطرح هذه المعطيات تساؤلات حقيقية عن مدى تأهل الجنود لخوض معارك قتالية مع القوى المعادية، خصوصًا المقاومة الفلسطينية، ما دفع جهات عسكرية لرفع توصيات كثيرة لمواجهة الظاهرة. كما قرر رئيس هيئة الأركان السابق، دان حالوتس، إجراء نقاش سنوي خاص بالهيئة الأركان العامة لمناقشة ظاهرة الانتحار في الجيش، خاصةً وأن التقارير الرسمية تضع انتحار الجنود سببًا أساسيًا في وفاتهم داخل الجيش، أكثر من القتلى في العمليات والمواجهات العسكرية وحوادث العمل.
ورغم عمل الجيش على علاج الظاهرة، إلا أنها لم تحظ بالاهتمام المطلوب، لذلك لم ينجح الجيش في تقليص عدد المنتحرين، بقدر نجاحه في تخفيض عدد القتلى من الجنود في حوادث الطرق والتدريبات. وتجدر الإشارة إلى أن الكشف عن هذه المعطيات يتزامن مع تقديرات "إسرائيلية" متزايدة عن اتساع رقعة رفض الخدمة العسكرية في صفوف الجيش، بسبب صعود اليمين المتطرف وإمكانية الدخول في مواجهة عسكرية مفتوحة مع الفلسطينيين.