الحدث:
اندلعت اشتباكات مسلحة بين الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة وعناصر مسلحة من حركة "فتح"، وذلك في بيت لحم خلال عرض احتفالي بالذكرى الـ58 لانطلاقة الحركة. وذكرت وسائل إعلام محلية أن عناصر أمن السلطة قامت بقمع المسير العسكري، ما أدى لاندلاع اشتباكات مسلحة بالرصاص الحي بين الطرفين وإحراق إحدى المركبات ومصادرة عدد آخر واعتقال عدد من الشبان المشاركين، كما امتدت الاشتباكات إلى أحياء عديدة في المدينة.
الرأي:
تُعدّ الاشتباكات المسلحة هذه المرة الأعنف بين عناصر الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة وأي جهة أخرى في الضفة، كما تأتي تزامنًا مع الصراع بين الشخصيات المتنفذة داخل أروقة السلطة وداخل حركة "فتح". وتشير تلك الاشتباكات إلى حجم الفجوة بين التنظيم وقدرته على السيطرة على عناصره المسلحة، وبين الأجهزة الأمنية التي تحاول قمع أي نشاط ومظهر عسكري خارج إطار الأجهزة الأمنية، حتى لو كان عرضًا احتفاليًا بذكرى الحركة.
ويدلّ هذا على أن السلطة لا تريد أي مظاهر مسلحة، وذلك لارتباطها بتعزيز على حالة المقاومة المسلحة التي نشطت بشكل لافت خلال عام 2022، لا سيما مجموعات "عرين الأسود" و"كتيبة جنين" شمال الضفة؛ حيث تضغط "إسرائيل" على أجهزة أمن السلطة لمضاعفة التنسيق الأمني للقضاء على تلك المجموعات وعلى أي مظاهر مسلحة أيًا كانت، حتى ولو بحجة الاحتفال بذكرى الانطلاقة، لاعتقادهم أن أي مظاهر مسلحة تعيد فكرة المقاومة المسلحة للجيل الجديد من الشبان الفلسطينيين؛ فقد يشجعهم تنفيذ العمليات المسلحة على تقليد تلك العمليات أو تنفيذ عمليات مشابهة، رغم الملاحقة المستمرة سواء من الأجهزة الأمنية للاحتلال أو للسلطة. لذلك، من المرجّح أن تستمر الصدامات بين الأجهزة الأمنية للسلطة والعناصر المسلحة من "فتح" وغيرها.
في السياق ذاته، لم تكن حادثة الاشتباك المسلح الأولى من نوعها وإن كانت الأعنف؛ حيث شهدت مناطق عديدة في الضفة، لا سيما في بيت لحم والخليل، اشتباكات متكررة واعتداءات كان بعض أطرافها متنفذون في السلطة أو "الحركة"، الذين يسعون لفرض الحلول خارج إطار الأجهزة الأمنية للسلطة، فضلًا عن استخدام السلاح في المشاجرات العائلية وجرائم التهديد والابتزاز. وقد أكسبهم هذا نفوذًا كبيرًا في تلك المناطق حتى وإن لم يستخدموا السلاح بشكل مباشر، إذ لا تزال مناطق الضفة تعاني من الفلتان الأمني بشكل كبير.