الحدث:
أصدر القضاء الإيراني حكمًا بإعدام نائب وزير الدفاع الأسبق، علي رضا أكبري، بعد إدانته بتهمة التجسس لصالح بريطانيا التي يحمل جنسيتها، وهي التهمة التي اعتُقل بسببها عام 2019. وقالت وزارة الاستخبارات الإيرانية في بيان صدر عنها في الـ11 من كانون الأول/ يناير، إن "علي رضا أكبري" كان "أحد أهم المتسللين من جهاز الاستخبارات البريطانية الشريرة في المراكز الحساسة والاستراتيجية في البلاد"، مشيرةً إلى أنه تم التعرف عليه من قبل كوادر وزارة الأمن بعد فترة طويلة من الزمن، في "عملية متعددة الطبقات في مجالات مكافحة التجسس والعمليات التقنية والخداع". وأضاف البيان أن الجاسوس أصبح موظفًا بدوام كامل في وكالة الاستخبارات البريطانية خلال رحلاته الشخصية إلى أوروبا.
بدورها، علّقت وزارة الخارجية البريطانية قائلةً: "ندعم عائلة علي رضا أكبري الذي صدر بحقه حكم بالإعدام، وناقشنا قضيته مرارًا مع السلطات الإيرانية. ونقل موقع "بي بي سي فارسي" عن "مريم" زوجة "أكبري" قولها إن السلطات تتحضر لإعدامه، وأن مسؤولًا طلب منها زيارة السجن من أجل "اللقاء الأخير"، وذكر الموقع أن "أكبري" نقل إلى الحبس الانفرادي وهو ما يعتبر "مؤشرًا على إعدامه الحتمي".
الرأي:
عمل "علي أكبري" نائبًا لوزير الدفاع، علي شمخاني، خلال فترة رئاسة "محمد خاتمي" 1997-2005، كما عمل ضمن فريق التفاوض في الملف النووي بين عامي 2005 و2007 تحت إشراف "علي لاريجاني". وتضاف إدانة "أكبري" إلى ما سبق أن كشف عنه موقع "بي بي سي" بخصوص إعدام الضابط المسؤول عن "مكافحة التجسس الإسرائيلي" في وزارة الاستخبارات الإيرانية، بعد إدانته بالتجسس لصالح تل أبيب، فضلًا عن احتجاز عشرات من قادة وكوادر الحرس الثوري في سجن إيفين على خلفية الاشتباه بتجسسهم لصالح "إسرائيل"، وهو ما يشير إلى حجم التحديات التي تواجهها أجهزة الأمن الإيرانية، والتي أعلنت مؤخرًا أنها فكّكت خلال الفترة من كانون الأول/ ديسمبر 2022 إلى مطلع كانون الثاني/ يناير 2023 ست خلايا تابعة لـ"الموساد". ويُتوقع أن يزداد الملف الأمني ضراوة مع عودة "نتنياهو" للحكم ووضعه للملف الإيراني في مقدمة أولوياته، بهدف منع طهران من تطوير قدراتها النووية وكبح نفوذها الإقليمي.
من المحتمل أيضًا أن يكون الإعلان عن محاكمة "أكبري" يستهدف إعادة الثقة في قدرة الأجهزة الأمنية على التصدي للاختراقات، بعد نكسات استخبارية شملت اغتيال "الموساد" للعقيد بفيلق القدس، حسن خدائي، بطهران، وقصف مجمع بارشين للصناعات العسكرية بطائرات مسيرة انتحارية انطلقت من داخل إيران، وإحباط عمليات خارجية للحرس استهدفت "إسرائيليين" في تركيا وقبرص وأذربيجان.
من جهة أخرى، تشير الأخبار المسربة التي سبقت الإعلان الرسمي إلى أن القبض على "أكبري" تم قبل سنتين تقريبًا، ثم حكم عليه بالإعدام مؤخرًا قبل أربعة أشهر، إلا أن القضية ربما ليست بمعزل عن التوظيف ضمن صراع النفوذ داخل أجهزة الحكم في إيران؛ حيث يُنظر إلى "أكبري" باعتباره من المقربين من "علي شمخاني" الذي ازداد نفوذه مؤخرًا، عقب الإطاحة برجل استخبارات الحرس القوي، حسين طائب، في حزيران/ يونيو الماضي نتيجة الاختراقات الأمنية الواسعة. وقد أشار "أكبري" في تسريب صوتي إلى أن تهمته مرتبطة بلقاء له مع "شمخاني"، قالت الاستخبارات إنه سعى خلاله للحصول على معلومات سرية مقابل هدايا لـ"شمخاني".
كذلك، ثمة تفسيرات ترى أن إعلان الخبر في التوقيت الحالي يستهدف أيضًا أبعادًا سياسية، مرتبطة بالاحتجاجات التي بدأت في أيلول/ سبتمبر الماضي عقب وفاة الشابة "مهسا أميني"، والتي تمارس بخصوصها بريطانيا وغيرها من دول أوروبية ضغوطًا، بلغت حد فرض عقوبات على مسؤولين إيرانيين، فضلًا عن استضافتها فضائية "إيران إنترناشيونال" التي صنفتها طهران ككيان إرهابي، ومن ثم قد يمثل حكم الإعدام النهائي رسالة سياسية واضحة موجهة إلى لندن.