الحدث:
أُصيب ثلاثة متظاهرين أثناء مواجهات بين أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت وبين عناصر قوى الأمن الداخلي، الموكلة بحماية مدخل قصر العدل في بيروت، كما تعرض نواب بالبرلمان للضرب على يد بعض مرافقي وزير العدل، هنري الخوري، إثر تدافع بين النواب والقضاة في مكتب الوزير تزامنًا مع احتجاجات الأهالي. وجاءت احتجاجات أهالي الضحايا في أعقاب انقسام قضائي في ملف انفجار المرفأ؛ حيث عمد النائب العام التمييزي، القاضي غسان عويدات، إلى إخلاء سبيل جميع الموقوفين في الملف، والإدعاء على المحقق العدلي في القضية، القاضي طارق بيطار، أمام التفتيش القضائي بجرم "اغتصاب السلطة"، ومنعه من السفر، ومطالبته مجلس القضاء الأعلى باتخذا قرار بتنحيته عن الملف وتعيين قاضٍ بديل.
يذكر أن القاضي "بيطار"، المكفوفة يده عن الملف بفعل دعاوى قضائية تطالب بتنحيته، كان قد أصدر في وقت سابق استدعاءات بحق سياسيين وأمنيين وعسكريين، أبرزهم القاضي "عويدات"، ومدير عام الأمن العام، اللواء عباس إبراهيم (المحسوب على الثنائي الشيعي)، ومدير عام أمن الدولة، اللواء طوني صليبا (المحسوب على التيار الوطني الحر)، إضافةً إلى قائد الجيش السابق، جان قهوجي، والمدير العام السابق لمخابرات الجيش، كميل ضاهر، ووزير الدفاع السابق، النائب غازي زعيتر (ينتمي إلى حركة أمل)، ووزير الداخلية الأسبق، نهاد المشنوق، ورئيس الحكومة الأسبق، حسان دياب.
الرأي:
جاءت احتجاجات أهالي الضحايا في إطار تخوفهم من "تطيير التحقيق" على يد السلطة السياسية، من خلال استكمال خطوات الإطاحة بالقاضي "بيطار"، الذي يلقى دعمًا فرنسيًا وأمريكًيا واضحًا، لاسيما بعدما طالت قراراته الأخيرة رؤوسًا أمنية وقضائية وسياسية مقربة من السلطة.
من جهة أخر، فإن الأحداث القضائية المستجدة وما سيليها من أحداث أو إجراءات مراقبة من طرفي النزاع، مثل عودة بعض الموقوفين لأعمالهم كمدير عام الجمارك، بدري ضاهر (تيار وطني حر) إلى عمله، ومغادرة مدير الأمن والحماية في المرفأ إلى الولايات المتحدة كونه يحمل جنسيتها، تفتح الباب واسعًا أمام مزيد من الفوضى السياسية والشعبية، انطلاقًا من تحركات أهالي الضحايا ومن يؤيدهم من الأطراف السياسية؛ القوات والكتائب وقوى مستقلة، والتي قد تتخذ أشكالا "عنيفة" و"مفاجئة" دعمًا لـ"بيطار"، وصولًا إلى تحركات مقابلة لأحزاب السلطة تضغط لإخراج "بيطار" نهائيًا من مشهد التحقيقات.
بالمقابل، وعلى مسار الفوضى الشعبية ذاته، ستفتح الأحداث القضائية الأخيرة، خصوصًا إطلاق سراح موقوفي المرفأ من قبل "عويدات"، المجال أمام تحركات شعبية في المناطق السنية لأهالي موقوفين في قضايا أخرى، وهو قد بدأ على الأرض حيث نفذ أهالي الموقوفين والمحكومين في ملف "أحداث عبرا" وقفة احتجاجية عند تقاطع إيليا في صيدا، كما طالب أهالي موقوفي طرابلس بإطلاق سراح أبنائهم عقب اجتماعهم بمفتي المدينة، محمد إمام.
ويبدو أن التخوف الأكبر لدى الأجهزة الأمنية من أن تؤدي تحركات الشارع إلى توترات أمنية، قد تأخذ منحىً طائفيًا "مسيحي – شيعي" تعيد إلى الأذهان ما جرى في "أحداث الطيونة"، التي أعقبت تظاهرة احتجاجية لموالين للثنائي الشيعي كانت تطالب بتنحي "بيطار" عن التحقيق، لكن بنسخة أكثر عنفًا أو أوسع نطاقًا.