الحدث:
نقلت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية عن أربعة مسؤولين في الاتحاد الأوروبي، الأحد 29 كانون الثاني/ يناير الجاري، أن الدائرة القانونية للاتحاد تعمل على صياغة رأي قانوني للدول الأعضاء بشأن شرعية تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، وهي الخطوة التي تحظى بدعم فرنسا وألمانيا، والتي أكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد، جوزيف بوريل، أنها ستلقى تأييدًا من قبل الكثير من الدول الأعضاء. جاء هذا بعد أسبوع من تمرير قرار بأغلبية ساحقة في البرلمان الأوروبي يدعو لوضع الحرس الثوري على قائمة الإرهاب الأوروبية، فيما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، فون دير لاين، تأييدها لهذه الخطوة. يأتي هذا بعد أن فرضت وزارة الخزانة الأمريكية في الـ23 من الشهر الجاري عقوبات على عشرة مسؤولين إيرانيين وقياديين بالحرس الثوري والاستخبارات، بحجة دورهم في قمع الاحتجاجات الشعبية. من جهتهم فرض وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد عشرات من قادة الحرس والمسئولين ونواب البرلمان ومؤسسات إيرانية، كما فرضت بريطانيا عقوبات على خمسة مسؤولين إيرانيين من بينهم قائد القوات البرية في الجيش، كيومرث حيدري، فضلًا عن مؤسستين تابعتين لقوات الباسيج.
الرأي:
تأتي حزمة العقوبات الغربية ضد إيران عقب إعدام مساعد وزير الدفاع الإيراني السابق، علي أكبري، بتهمة التجسس لصالح بريطانيا، وهو ما اعتبرته الدول الأوروبية بمثابة تصعيد من طهران. لكنّ التشدد الأوروبي يرتبط بشكل أوسع بدور إيران في إمداد روسيا بالطائرات المسيرة لاستخدامها في الحرب بأوكرانيا، وهو ما نتج عنه اتجاه أوروبي متفق عليه لمعاقبة إيران والمماطلة في المحادثات النووية لوضع النظام الإيراني تحت مزيد من الضغوط الشعبية.
بدوره، أوضح مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، أن تصنيف الحرس الثوري كتنظيم إرهابي يتطلب اتخاذ إجراءات قانونية وصدور حكم بذلك من المحاكم الأوروبية، لأن قرار البرلمان الأوروبي ليس ملزمًا ولا يكفي للإقدام على تلك الخطوة، لكن هذا يتيح لدول الاتحاد توظيف قرار البرلمان للضغط على إيران قبل أن تنتهي الإجراءات القانونية اللازمة، ربما لوقف تعاونها مع روسيا أو تقديم تنازلات أوسع في المفاوضات النووية، وهو ما يُبقِي خيارات الجانبين مفتوحة خلال الأسابيع القليلة القادمة.
بالمقابل، يرى المسؤولون الإيرانيون أن الإجراءات والمواقف الأوروبية تنقل بروكسل من مربع الوساطة بين إيران وأمريكا إلى مربع العداء، وأنها بمثابة تحريض للمتظاهرين داخل إيران على مواصلة التظاهر. وبالتالي، هددت طهران باتخاذ إجراءات مضادة ضد القوات الأوروبية في منطقة غرب آسيا التي يُقصد بها منطقة الخليج.
وقد ظهر الأثر المباشر لحزمة العقوبات الأخيرة سريعًا في تراجع قيمة العملة الإيرانية؛ حيث بلغ سعر صرف الدولار الواحد 45 ألف تومان مقارنةً بنحو 40 ألف تومان قبل أيام، وهو ما سينعكس على ارتفاع نسبة التضخم ما سيعمق غضب المواطنين الذين يعانون بالفعل من ضراوة الضغوط الاقتصادية.
من ناحيتها، حاولت أجهزة الأمن الإيرانية كبح إقبال المواطنين على شراء العملات الأجنبية بهدف حفظ قيمة مدخراتهم، حيث أعلن المتحدث باسم قوى الأمن الداخلي القبض على أكثر من 300 من المتلاعبين في سوق العملات، واكتشاف57 ورشة لتزوير العملات. لكن ليس من المتوقع أن تسفر تلك الإجراءات الأمنية عن وقف تراجع قيمة العملة الإيرانية، لأن أسباب تراجعها لا تعود لعوامل محلية فقط. ويُرجّح أن تزداد مخاوف النظام الإيراني من وجود مخطط غربي لتثوير المواطنين، عبر تأزيم الوضع الاقتصادي بشكل كبير، وهو ما سينعكس سلبًا على تدهور العلاقات الأوروبية الإيرانية.