الحدث:
عم إضراب شامل العديد من بلدات مدينة القدس المحتلة، يوم الأحد 19 شباط/ فبراير الجاري، تنفيذًا لأولى خطوات العصيان المدني الذي دعت إليه القوى الوطنية والإسلامية والحراك الشبابي في المدينة. وذلك في خطوة لمواجهة والتنديد بإجراءات سلطات الاحتلال الأمنية؛ حيث أُغلقت مداخل مخيم شعفاط وعناتا وجبل المكبر والرام والعيساوية وسلوان. كما تم مقاطعة الاحتلال بشتى الطرق وعدم توجه العمال إلى أماكن عملهم، ودارت اشتباكات عنيفة بين الشبان الفلسطينيين والقوات "الإسرائيلية" في مناطق واسعة من المدينة.
الرأي:
يأتي هذا التصعيد بعد تزايد الإجراءات الأمنية "الإسرائيلية" في عموم الأراضي الفلسطيني بشكل عام ومدينة القدس بشكل خاص، وذلك بعد صعود اليمين المتطرف للحكم بزعامة "بنيامين نتنياهو"؛ حيث ضاعفت القوات والأجهزة الأمنية "الإسرائيلية" من إجراءاتها العقابية والقمعية في مدينة القدس وضواحيها، بما في ذلك الاعتقالات وهدم المنازل والاعتداءات المتواصلة ضد المقدسيين.
من جانب آخر، يحاول وزراء الائتلاف المتطرف، مثل وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، أن يثبتوا لقواعدهم الانتخابية قدرتهم على تنفيذ أجندتهم الأمنية المتشددة؛ حيث تفاخر "بن غفير" بنشر عشرات الحواجز الأمنية وتفتيش مئات المنازل المقدسية، وشن حملة اعتقالات واسعة ضد الفلسطينيين، وتدمير وهدم حوالي 20 منزلًا، ومصادرة ممتلكات وسيارات وأموال المقدسيين، وفرض غرامات مالية كبيرة عليهم، إضافةً إلى دعوته لتنفيذ عملية أمنية عسكرية أطلق عليها "السور الواقي 2".
ويعدّ العصيان المدني خطوة متقدمة في مقاومة الاحتلال ومنظومته الأمنية، لا سيما مع اتساعها الجغرافي ودخول مناطق جديدة للعصيان المدني في المدينة، خاصةً وأنها تأتي تزامنًا مع تصاعد مخاوف المنظومة الأمنية "الإسرائيلية" إزاء ظاهرة العمليات الفردية وتحديدًا في مدينة القدس. وهذا ما يضع وزراء حكومة "نتنياهو" في مواجهة ضغوط متزايدة من قبل الأجهزة الأمنية، التي ترسل تحذيرات متصلة حول خطورة تداعيات السياسات الحكومية الراهنة.
أخيرًا، من المرجّح أن تواصل الحكومة "الإسرائيلية" إجراءاتها وسياساتها، ما سيؤدي بالمقابل لتسارع وتيرة الأحداث الأمنية في مدينة القدس، ومواصلة الفلسطينيين مواجهة هذه الإجراءات بمزيد من المقاومة الشعبية والاتجاه نحو المزيد من التمرد عليها، لتصل الأحداث إلى ذروتها المتوقعة خلال شهر رمضان المبارك.