الحدث:
كشفت وكالة "بلومبيرغ" عن عقد اجتماعات استكشافية جمعت بين مسؤولين سعوديين و"إسرائيليين" ركزت على قضية تطوير العلاقات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية، وذلك في ضوء تنامي المخاوف المشتركة في كل من الرياض وتل أبيب من النفوذ الإيراني في المنطقة، لا سيما بعد دعم طهران لروسيا بالطائرات المسيرة في حربها على أوكرانيا. وتشير الوكالة إلى أن الإدارة الأمريكية تدعم تكثيف وتسريع المحادثات المشتركة بين "إسرائيل" والسعودية، في محاولة لتذليل العقبات بينهما لطرح عملية التطبيع التي طال انتظارها، وسبق هذه الاجتماعات الاستكشافية انعقاد مجموعة عمل مجلس التعاون الأمريكي الخليجي حول الدفاع والأمن في الرياض.
الرأي:
تأتي مثل هذه الاجتماعات بعد عودة "بنيامين نتنياهو" على رأس الائتلاف اليميني المتطرف إلى الحكم في "إسرائيل"، والذي يسعى لإعادة الزخم لقاطرة التطبيع، وذلك من خلال البوابة الأمنية باعتبارها أحد أسس "اتفاقات أبراهام" لا سيما مع الدول الخليجية؛ حيث تسعى "إسرائيل" وبدعم أمريكي لاستغلال مخاوف الدول الخليجية من النفوذ الإيراني في المنطقة، وما يشكله من تهديدات أمنية لهذه الدول.
في السياق ذاته، هناك إغراءات أمريكية مستمرة لعدة دول من بينها السعودية للانخراط في "اتفاقات أبراهام"، والتي تحاول التركيز على الحلول الأمنية والتعاون الاقتصادي دون الجوانب السياسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية. وتبذل واشنطن بصورة خاصة جهودًا كبيرة للجمع بين حليفيها، "الإسرائيلي" والسعودي، للجلوس على طاولة واحدة من خلال التركيز على مصلحة التعاون الأمني المشترك، والعمل على مناقشة التهديدات الإيرانية باعتبارها مصلحة وأولوية مشتركة، وكذلك لمناقشة الترتيبات الأمنية الإقليمية الجديدة في ظل الاتهامات الخليجية لإيران وجماعة الحوثي بالوقوف خلف هجمات الطائرات بدون طيار، على ناقلات النفط في الخليج العربي والمنشأت النفطية السعودية، وتزايد مخاطر عدم التوصل لاتفاق جديد بشأن المشروع النووي الإيراني.
في النهاية، من المتوقع أن تزداد وتيرة التعاون الأمني والعسكري بين السعودية و"إسرائيل"، على وقع تنامي المخاوف الأمنية المشتركة، لكن ليس من المتوقع أن يفضي ذلك لتطبيع سياسي رسمي قريبًا على غرار "اتفاقيات أبراهام"، في ظل أن السعودية تنتظر بالمقابل ثمنا يكافئ خطوة من هذا النوع. وهذا الثمن الذي تنتظره من واشنطن وليس من أي حكومة "إسرائيلية"، يرتبط بإعادة صياغة العلاقة بين الرياض وواشنطن في صورة اتفاقية أمنية ودفاعية ثنائية يتم إقراراها في الكونغرس، بحيث تكون ملزمة لأي رئيس أمريكي ولا ترتبط بهوية الإدارة الأمريكية، ومنح السعودية معاملة تفضيلية فيما يتعلق بصفقات السلاح الأمريكية.