تبادل اتهامات دون معلومات مؤكدة حول الأسباب

حوادث تسمم الطالبات في إيران تثير الشكوك حول اختراقات أمنية خارجية

الساعة : 12:30
8 مارس 2023
حوادث تسمم الطالبات في إيران تثير الشكوك حول اختراقات أمنية خارجية

الحدث:

أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية في السابع من آذار/ مارس الجاري قيامها، بمعاونة وزارة الاستخبارات والحرس الثوري والشرطة، بحملة اعتقالات في خمس محافظات لأشخاص مشتبه بوقوفهم خلف حوادث تسمم الطالبات مؤخرًا. وبحسب وسائل الإعلام الإيرانية، فقد شملت هذه الحوادث ما يزيد عن 50 مدرسة في 11 محافظة، تعرضت فيها أكثر من 800 طالبة للتسمم بمواد غازية غامضة خلال الشهور الثلاثة الماضية.

الرأي:

بدأت قضية تسمم الطالبات في إحدى مدارس البنات بمحافظة "قم" في الـ30 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ثم انتشرت تباعًا إلى محافظات أخرى حتى بلغت ذروتها خلال الشهر الجاري. وقد ظهرت أعراض متشابهة على الطالبات، مثل حدوث مشاكل في التنفس وشعور بالغثيان والإرهاق لفترة وجيزة تبلغ عادة يومًا واحدًا.

لكن المربك في هذا المشهد هو تضارب تفسيرات الجهات الحكومية الإيرانية لأسباب التسمم؛ فبينما يقول وزير الداخلية، أحمد وحيدي، إن أكثر من 95% من الحالات تعود لشعور بالتوتر والقلق، يشير وزير الصحة إلى العثور على سم خفيف في أجساد عدد من الحالات. ومع تفاقم أعداد المصابين ودعوة بعض نقابات المعلمين في عدد من المحافظات لوقفات احتجاجية للمطالبة بكشف الحقيقة، تدخل المرشد الأعلى، علي خامنئي، بنفسه في السادس من الشهر الجاري متوعدًا بمحاسبة المتورطين في تسميم الطالبات، كما اجتمع الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، مع ممثلين من وزارة الاستخبارات وحثهم على التصدي للتهديدات التي تواجه المدارس.

من جهتهم، دخل المعارضون الإيرانيون في الخارج على الخط، متهمين الحكومة بالوقوف خلف تلك الحوادث بهدف إغلاق مداس الفتيات، التي انطلقت منها العديد من التظاهرات عقب مقتل الفتاة "مهسا أميني" العام الماضي، إثر توقيفها على يد شرطة الأخلاق. وعلى نفس المنوال أعربت وزارات الخارجية الألمانية والأسترالية والأمريكية عن قلقها من حالات تسمم الطالبات، وهو ما جعل الموضوع مساحة للجدل بين إيران والدول المذكورة. وتقوم الاتهامات للسلطات الإيرانية بالوقوف خلف الحوادث على فرضية ضعيفة؛ فحالات التسمم ظهرت أولًا في مدينة قم التي تعد أحد معاقل النظام، كما إن موجة الاحتجاجات تراجعت بشكل كبير، وسيحسب غلق المدراس سلبًا على استقرار الأوضاع، ولن يصب في مصلحة النظام.

بالمقابل، اتهمت وسائل إعلام محسوبة على السلطة أطرافًا في المعارضة، خصوصًا جماعة "مجاهدي خلق"، بالوقوف خلف حوادث التسمم، بهدف زعزعة الاستقرار ونشر حالة من الخوف المجتمعي بعد توقف الاحتجاجات الشعبية. وتعضد وسائل الإعلام المذكورة اتهاماتها للمعارضة بالمواقف الغربية التي تسلط الضوء على تلك الحوادث سياسيًا وإعلاميًا، وذلك ضمن توجه غربي بالضغط على إيران على خلفية إمدادها لروسيا بطائرات مسيرة.

عمليًا، يصعب الجزم بحقيقة أسباب حالات التسمم في ظل عدم الإعلان عن نتائج الفحوصات الطبية للمصابين، لكن انتشار تلك الحوادث جغرافيًا واستمرارها لنحو ثلاثة أشهر يشير إلى وجود حدث غير عادي، يثير مزيدًا من التساؤلات حول وجود اختراقات أمنية خارجية وقدرة السلطات الإيرانية على مواجهتها.