خطوة ذات دلائل في اتجاهات عديدة

أحكام "أحداث خلدة" تكرّس نفوذ "حزب الله" في القضاء وتشعل فتيل "النعرات الطائفية"

الساعة : 10:15
28 أبريل 2023
أحكام

الحدث:

أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العقيد الركن، خليل جابر، الأحكام القضائية الأخيرة في ملف "أحداث خلدة"، بحق على 36 متهمًا من عشائر "عرب خلدة" بينهم 19 موقوفًا وتسعة  أُخلى سبيلهم وآخرون يحاكمون غيابيًا. وقضى حكم المحكمة ببراءة عشرة متهمين لعدم كفاية الأدلة، بينما تراوحت العقوبات بالحكم على المتهمين بالسجن بين سنة ونصف إلى عشر سنوات، وبالإعدام على المتوارين عن الأنظار، وأصدرت بحقهم مذكرات إلقاء القبض ووضعتها حيز التنفيذ.

وقد لاقت الأحكام موجة اعتراض واسعة في الشارع السني، وقُطع طريق خلدة الساحلية أكثر من مرة؛ حيث أعلنت العشائر العربية بحضور دار الفتوى ونواب وشخصيات سنية ومسيحية رفض الأحكام، التي وصفوها بالجائرة والظالمة مطالبين بتسوية أوضاع من صدرت الأحكام بحقهم.

يذكر أن أحداث خلدة وقعت في الـ21 من آب/ أغسطس 2021؛ حيث قُتل أربعة عناصر من "حزب الله" بعد اشتباكات بين مسلحين تابعين للحزب و"سرايا المقاومة" وبين مجموعة من أبناء عرب خلدة، أثناء تشييع العنصر في الحزب "علي شبلي"، بعد قتله في وقت سابق على يد عرب خلدة ثأرًا لمقتل الطفل "حسن غصن".

الرأي:

تدلّل أحكام المحكمة العسكرية على مدى سيطرة ونفوذ "حزب الله" عليها؛ حيث أمّنت المحكمة حماية لعناصره من الملاحقة والمساءلة، فرغم عرض مقاطع مصورة من قبل وكلاء الموقوفين أمامها حول تورط عناصر الحزب في الأحداث، إلا أنها  لم تستجوب أيًا من عناصر الحزب أو السرايا. كما كرّست هذه الأحكام من جديد القناعة لدى الطائفة السنية بأن هذه المحكمة لا تزال مستمرة في التعاطي بالنهج "المتشدد" ذاته، الذي ظهر في أحداث عبرا، والموقوفين الإسلاميين، وموقوفي "أحداث التبانة – جبل محسن".

من جهة أخرى، شكّلت الأحكام في مضمونها انقلابًا من "حزب الله" على مسار المفاوضات، الذي كانت ترعاه مخابرات الجيش بينه وبين عشائر خلدة، كما تعكس ضعفًا واضحًا على المستوى السياسي في ظلّ غياب "تيار المستقبل" عن السّاحة السياسيّة والدينية، في ظل محدودية دور دار الفتوى، في حين قرأ البعض كذلك في إفشال مسار المصالحة ضربًا لمصداقية قائد الجيش، جوزف عون، كونها كانت برعاية استخبارات الجيش.

وبصرف النظر عن المسار القضائي الذي سيسلكه الأهالي في الطعن على الأحكام أمام محكمة التمييز العسكرية، وفي إطار ما كرسته الأحكام الأخيرة من "شحن طائفي"، فستبقى المنطقة على صفيح "اهتزاز أمني محتمل" يشي بوقوع ما قد يماثل أحداث خلدة، ما لم تؤدِّ الجهود إلى إيجاد تسوية تغلق هذا الملف المتفجر.