الحدث:
أعلن الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية في الـ27 من نيسان/ أبريل احتجاز بحرية الحرس الثوري الإيراني لناقلة النفط "Advantage Sweet"، التي ترفع علم جزر مارشال أثناء إبحارها في بحر عُمان، فيما أعلنت بحرية الجيش الإيراني احتجاز الناقلة شمال المحيط الهندي بعد اصطدامها بزورق إيراني، ما أسفر عن فقدان شخصين وإصابة آخرين من طاقم الزورق، ومحاولتها الفرار عبر إطفاء أجهزة التتبع.
الرأي:
يمثل الحادث ردًا إيرانيًا على استيلاء السلطات الأمريكية على ناقلة النفط "السويس راجان"، التي كانت تحمل النفط الخام الإيراني، وإعادة توجيهها من الصين إلى الولايات المتحدة في وقت سابق من الأسبوع الماضي. ويزيد هذا الحادث من احتمالات قيام إيران بمصادرة انتقامية في المستقبل، مع قيام الولايات المتحدة بزيادة إنفاذ العقوبات بسبب الجمود في المحادثات النووية وزيادة صادرات النفط الإيرانية.
وتعكس هذه التطورات أحدث مظاهر التوتر بين الجانبين الإيراني والأمريكي في مياه الخليج، في ظل محاولة كل منهما إثبات سطوته في المنطقة؛ فقبل بضعة أيام من الحادث الأخير أعلنت بحرية الجيش الإيراني أنها وجهت تحذيرًا لطائرة تجسس أمريكية من طراز "EP-3E"، اقتربت من الحدود البحرية لإيران من جهة بحر عمان، فيما أعلنت واشنطن تمديد مهمة مجموعة السفن الهجومية المرافقة لحاملة الطائرات "جورج بوش" في البحر المتوسط، تزامنًا مع إرسال الغواصة النووية "USS فلوريدا" إلى المنطقة لردع طهران، عقب المناوشات مع المجموعات المسلحة الموالية لإيران في سوريا في آذار/ مارس الماضي، والتي أسفرت عن مقتل متقاعد أمريكي وإصابة 12 جنديًا أمريكيًا آخرين، كما أعلنت البحرية الأمريكية في الـ19 من نيسان/ أبريل الماضي عبور سفينة مسيرة أمريكية مزودة بأجهزة استشعار، لمضيق هرمز للمرة الأولى برفقة سفينتي حراسة.
من جهة أخرى، فإن تزايد وتيرة الاحتكاكات البحرية بين الجانبين رغم اتفاق المصالحة الإيراني السعودي برعاية صينية، يؤكد أن الاستقرار في مياه الخليج لا يرتبط بعوامل إقليمية فقط، لكنه يتأثر بشكل كبير بالتطورات الدولية التي يمكن أن تؤثر سلبًا على أمن وحرية الملاحة. فبينما تحرص واشنطن على تأكيد حضورها البحري وإثبات عدم تخليها عن المنطقة، في ظل انشغالها بحرب أوكرانيا وكبح الصعود الصيني، تعمل طهران على تطوير قدراتها البحرية؛ حيث أعلنت في آذار/ مارس الماضي بدء تشغيل 95 زورقًا حاملًا للصواريخ، كما دشنت عمل سفينة "الشهيد مهدوي" البالغ طولها 230 مترًا المخصصة لحمل مروحيات وطائرات مسيرة وأنظمة دفاع جوي.
في السياق ذاته، تحتجز طهران كل بضعة أشهر ناقلات نفط بحجة انتهاكها للمياه الإقليمية الإيرانية؛ فقد احتجزت خلال العامين الماضيين نحو خمس سفن تجارية، فيما يتوقع استمرار تلك النوعية من الحوادث في ظل مشروع طهران الساعي لإخراج القوات الأمريكية من المنطقة، وإثبات قدراتها كفاعل إقليمي محوري لا يمكن أن يتحقق الاستقرار الإقليمي دون مراعاة مصالحه، وهو ما يصطدم بالحضور الأمريكي البحري في مياه الخليج الذي يهدف لتحجيم النفوذ الإيراني.