الحدث:
قالت مصادر من المخابرات الأردنية لوكالة "رويترز" إن الأردن نفذ ضربتين جويتين في الخامس من أيار/ مايو الجاري، على ريفي درعا والسويداء جنوب سوريا، حيث أصابت الأولى مصنعًا مهجورًا للمخدرات في محافظة درعا مرتبطًا بجماعة "حزب الله" اللبنانية المتحالفة مع الحكومة السورية. وأسفرت الضربة الثانية على قرية الشعاب في السويداء المجاورة بالقرب من الحدود الأردنية عن مقتل مهرب المخدرات السوري البارز، مرعي رويشد الرمثان (45 عامًا)، وزوجته وستة من أطفاله.
الرأي:
يأتي القصف الأردني الاستثنائي داخل الأراضي السورية متناغمًا مع التنسيق الأردني السياسي والأمني مع نظام "الأسد"، وتتويجًا لمخرجات اجتماع عمّان الذي ضم وزراء خارجية كل من الأردن وسوريا والعراق ومصر والسعودية، وتأكيدًا على تعزيز التعاون بين سوريا ودول الجوار المتأثرة بعمليات تجارة المخدرات وتهريبها عبر الحدود السورية. كما يأتي القصف بعد أيام من توجيه وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، تهديدات بشن عملية عسكرية في الداخل السوري لوقف تهريب المخدرات، خلال تصريحات لمحطة "سي إن إن" الأمريكية.
يذكر أن "عشيرة الرمثان" تنتشر في عدد من القرى المحاذية للحدود الأردنية، فيما يُتّهم "مرعي الرمثان" بالمسؤولية عن مقتل ضابط حرس الحدود الأردني، محمد الخضيرات، وزميل آخر له قبل أشهر، في هجوم على نقطة لحرس الحدود الأردني، كما يعتبر قائد مليشيا مسلحة تضم العشرات ويتبع بشكل مباشر للمخابرات العسكرية ويحمل بطاقتها، إضافةً لعلاقته المتينة بشخصيات من "حزب الله" اللبناني.
ويمكن اعتبار الغارة الأردنية نقلة نوعية في الآليات الإقليمية لمواجهة شبكة تصنيع الكبتاغون، التي تتخذ من الأردن ممرًا حيويًا رئيسيًا لتهريب المخدرات من سوريا إلى دول الخليج. كما تمثل الضربة بادرة عملية أولى من نوعها في إطار تعاون النظام السوري في ملف وقف التهريب، والذي أصبح مرتبطًا بمسار جهود التطبيع العربي مع دمشق التي تقودها السعودية. وذلك لأنه من الصعب تصور تنفيذ الأردن للقصف الجوي داخل الأراضي السورية دون تنسيق مباشر ودقيق مع دمشق، ودون استبعاد تقديم دمشق معلومات وإحداثيات تواجد تاجر المخدرات بدقة للسلطات الأردنية.
بالمقابل، تثير الغارة أسئلة حول تداعيات مثل هذا التعاون المفترض بين النظام السوري والأردن على بيئة النظام الداخلية؛ حيث تعمل شبكات التصنيع والتهريب من داخل النظام نفسه وليس بمعزل عنه، وتوفر له عوائد مالية كبيرة. فهل سيكتفي النظام مستقبلًا بالسماح لأطراف خارجية باستهداف شبكات التهريب داخل سوريا، أم إن أجهزته نفسها ستبدأ في ملاحقة شبكات التصنيع والتهريب؟ عمومًا، من المبكر توقع الالتزام الكامل من قبل النظام السوري بجهود وقف التهريب، قبل أن يضمن تلقي تعويضات اقتصادية مناسبة من السعودية.