الحدث:
أكدت وكالة "نور نيوز" التابعة للمجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، مساء الـ21 من أيار/ مايو الجاري، خبر استقالة أمين المجلس، علي شمخاني، بعد عشر سنوات قضاها في المنصب.
الرأي:
تمثّل استقالة "شمخاني" حدثًا كبيرًا داخل النظام الإيراني؛ فهو الممسك بالعديد من الملفات الأمنية الحساسة، ولتوضيح حجم دوره يكفي تقديم إطلالة على أنشطته منذ بداية العام الجاري؛ إذ وقّع "شمخاني" مع مستشار الأمن الوطني السعودي في بكين اتفاقًا لعودة العلاقات بين البلدين، بعد أن قاد جهودًا مماثلة للتطبيع مع الإمارات توجت بزيارة أبوظبي مؤخرًا والتقى بكبار قادة الدولة. كما وقّع "شمخاني" في العراق وثيقة تعاون أمني مشترك، تتضمن تعهد بغداد بعدم السماح للجماعات المسلحة الكردية باستخدام أراضي إقليم كردستان العراق لشن هجمات مسلحة داخل إيران.
في السياق ذاته، كان "شمخاني" في استقبال وزير الدولة للشؤون الخارجية القطرية، محمد الخليفي، بطهران، واجتمع مع المساعد الخاص للرئيس الروسي، إيغور لويتين، لبحث التعاون الاقتصادي والأمني، كما استقبل سكرتير الأمن القومي الأرميني لبحث تطورات الأوضاع في جنوب القوقاز. ومثّل "شمخاني" بلاده في الاجتماع الخامس للحوار الأمني الإقليمي الخاص بأفغانستان، الذي عقد في موسكو بحضور ممثلي أجهزة الأمن القومي لدول جوار أفغانستان.
تجدر الإشارة إلى أن "شمخاني"، المولود عام 1955، ناشط سابق ضمن المجموعات المسلحة التي عملت ضد نظام الشاه، ثم ترقى في حقبة الثورة حتى وصل إلى منصب قائد بحرية الحرس الثوري ثم وزيرًا للحرس الثوري ثم قائدًا لبحرية الجيش الإيراني، وصولًا إلى منصب وزير الدفاع في عهد الرئيس "خاتمي". ثم شغل "شمخاني" منصب الأمين العام لمجلس الأمن القومي عام 2013، والمعني برسم السياسات الدفاعية والأمنية لإيران، وهو أحد عرب الأهواز القلائل الذين تمكنوا من الوصول لمثل هذا المنصب الرفيع.
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، وعقب إعدام النائب السابق لـ"شمخاني" وقت توليه منصب وزير الدفاع، علي رضا أكبري، لاتهامه بالتجسس لحساب بريطانيا تترددت أقاويل؛ حيث انتشر تسريب صوتي لـ"أكبري" يوضح خلاله أن الاتهام الموجه له يرتبط بلقاء بينه وبين "شمخاني"، قالت الاستخبارات الإيرانية إنه حاول خلاله الحصول على معلومات سرية مقابل إعطاء هدايا لـ"شمخاني". وهو ما فُسّر أنه بمثابة محاولة لضرب سمعة "شمخاني" الذي ازداد نفوذه عقب إقالة رئيس استخبارات الحرس الثوري القوي، حسين طائب، في الـ23 من حزيران/ يونيو 2022 إثر عدة نكسات استخبارية.
وخلال أزمة الاحتجاجات التي أعقبت مقتل الشابة "مهسا أميني" في أيلول/ سبتمبر الماضي، اجتمع "شمخاني" مع أسرتي "رفسنجاني" و"الخميني" وعدد من القيادات الإصلاحية، في محاولة لمدّ جسور تواصل لاستيعاب حالة الغضب بين الشخصيات السياسية التي تعرضت للتهميش خلال السنوات الأخيرة. ورغم أن "شمخاني" لا يمثل أي توجهات إصلاحية، إلا أن هذه الخطوة اصطدمت مع توجه التيار الأشد محافظة، والذي يمثله الرئيس الإيراني الحالي، إبراهيم رئيسي، ورئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، وقادة الحرس الثوري الحاليين. كما انتشرت آنذاك شائعات حول استقالة "شمخاني" لعلاقته بـ"أكبري"، لكن وكالة "نور نيوز" التابعة للمجلس الأعلى للأمن القومي نفت تلك الشائعات في كانون الثاني/ يناير الماضي. ومن ثمّ، يبدو أن مستقبل "شمخاني" السياسي غامضًا، وليس من الواضح إن كان سينتقل لاحقًا لمنصب آخر رفيع، أم سيصبح فريسة للصقور من خصومه داخل إيران.