الحدث:
قُتل ثلاثة شبان فلسطينيين فجر الإثنين الموافق 22 أيار/ مايو الجاري، خلال اقتحام قوات أمنية وعسكرية "إسرائيلية" لمخيم بلاطة شرق مدينة نابلس، في عملية وصفها الإعلام العبري بالعملية الكبيرة والواسعة. من جانبها، أفادت وزارة الصحة الفلسطينية باستشهاد كل من: فتحي رزق (30 عامًا)، وعبد الله أبو حمدان (24 عامًا)، ومحمد زيتون (32 عامًا)، وإصابة 12 آخرين خلال اشتباكات مُسلحة عنيفة مع القوات "الإسرائيلية" المقتحمة للمخيم، الذي يعد أكبر المخيمات في الضفة الغربية، فيما اندلعت الاشتباكات بعد اقتحامه من عدة محاور بدعوى اعتقال "مطلوبين" والدفع بتعزيزات أمنية كبيرة.
الرأي:
تأتي هذه العملية وسط تصعيد "إسرائيلي" متواصل لا سيما في مدينة القدس؛ حيث عقدت حكومة الائتلاف اليميني المتطرف بزعامة "بنيامين نتنياهو" جلستها الأسبوعية الأحد الماضي داخل نفق يقع أسفل المسجد الأقصى من الناحية الغربية، بدعوى إحياء الذكرى 56 لاحتلال القدس، كما واصل وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير، اقتحام باحات المسجد الأقصى قبل ذلك الاجتماع.
وتعد هذه التطورات تصعيدًا خطيرًا من قبل الحكومة "الإسرائيلية" في مدينة القدس متجاهلةً كل الضغوط الغربية، وما تم الاتفاق عليه في اجتماعي العقبة وشرم الشيخ مؤخرًا، بوقف الخطوات أحادية الجانب والعمل على تخفيض التصعيد الأمني في الأراضي الفلسطينية. كما تعكس هذه التطورات اتجاه حكومة "نتنياهو" لتصعيد عملياتها الأمنية والاستخباراتية في الضفة الغربية، من خلال تنفيذ عمليات اقتحام مركزة تهدف لملاحقة مجموعات المقاومة الفلسطينية، لا سيما المسلحة التي بدأت تعود للمشهد من جديد بعد غياب لسنوات طويلة؛ حيث اقتحمت قوات أمنية وعسكرية كبيرة المخيم ما أدى لاندلاع اشتباكات عنيفة أسفرت عن استشهاد الشبان الثلاثة.
في السياق ذاته، تسعى حكومة "نتنياهو" من خلال الموافقة على هذه العمليات النوعية الحفاظ على الائتلاف اليميني، لا سيما بعد الانتقادات الحادة من قبل الوزير المتطرف "بن غفير" الذي يطالب بتنفيذ عمليات أمنية وعسكرية واسعة في الضفة، على غرار عملية "السور الواقي" التي تتمثل في تكثيف العمليات الأمنية داخل المدن الفلسطينية واقتحامها بشكل كبير، بهدف القضاء على مجموعات المقاومة ومنع انتشارها خوفًا من أن تتحول لمصدر إلهام للشبان الفلسطينيين، مثل مجموعات "عرين الأسود" و"كتيبة جنين" شمال الضفة.
وبالتالي، يمكن القول إن تنفيذ عملية واسعة على غرار "السور الواقي" قد تكون تكلفتها باهظة وتحمل مخاطر كبيرة، من قبيل اشتعال كل الساحات في الضفة الغربية وأراضي 48 ودخول قطاع غزة على خط المواجهة مرة أخرى، علاوةً على خطر انهيار السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية بشكل كامل، الأمر الذي يضر بالمصلحة "الإسرائيلية" التي لا تزال بحاجة للسلطة لأسباب كثيرة أبرزها التنسيق الأمني.
والخلاصة فإنه من المرجح أن تواصل "إسرائيل" عملياتها الأمنية النوعية من هذا النوع، لمواجهة مجموعات المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، في محاولة لاحتواء حالة المقاومة المسلحة ومن جانب أخر محاولة لتحييد الساحات الأخرى من الانخراط في المواجهة مع القوات "الإسرائيلية". إضافةً لذلك، فإن هناك محاولة "إسرائيلية" لصرف الانتباه عن فرض التقسيم المكاني والزماني في الأقصى، وفرضه كأمر واقع من خلال التصعيد الأمني في مدن الضفة.