الحدث:
قام كل من نائب القائد العام لقوى الأمن الداخلي الإيراني، قاسم رضائي، وقائد القوات البرية للجيش، كيومرث حيدري، بزيارة إلى الحدود الأفغانية الإيرانية عقب اشتباكات وقعت بين حرس الحدود الإيراني ونظيره الأفغاني، على حدود محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية وولاية نيمروز الأفغانية. وأسفرت الاشتباكات عن مقتل عسكريين إيرانيين بينهما قائد مقر ساسولي الحدودي وإصابة اثنين آخرين، فيما قُتل جندي أفغاني وأصيب آخرون. وعقب ذلك قررت السلطات الإيرانية إغلاق جسر الحرير، أحد أبرز المعابر الحدودية بين إيران وأفغانستان.
الرأي:
تتكرر الاشتباكات بين عناصر الحرس الحدود من الجانبين، لكن الاشتباكات الأخيرة هي الأخطر من نوعها لتزامنها مع مواقف سياسية تصعيدية حول تقاسم مياه نهر هلمند؛ حيث تتهم طهران كابل بحجز كميات كبيرة من مياه النهر خلف سدي "كجكي" و"كمال خان"، ما ساهم في تنامي حالة الجفاف بمحافظة سيستان وبلوشستان. من جهته، صرح رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، بأنه لا يوجد حل وسط بشأن حصة إيران المائية في نهر هيلمند، كما حذر المبعوث الرئاسي الخاص للشؤون الأفغانية في إيران، حسن كاظمي قمي، من أنه إذا ثبت وجود المياه في سد كجكي وامتنعت طالبان عن إعطاء طهران حصتها من مياه نهر هيرمند فعليها تحمل المسؤولية، مضيفًا أن "الحكومة الإيرانية تعرف كيف تتصرف". بدوره، ذهب وزير الخارجية الإيراني، حسين عبداللهيان، إلى أبعد من ذلك حيث صرح بأن بلاده لا تعترف بالنظام الحاكم الحالي في أفغانستان، وهو ما دفع كابل للتنديد بالتصريحات الإيرانية والتأكيد على أن لغة التهديد لن تجدي نفعًا معها.
رغم هذه التصريحات التصعيدية من الطرفين، ولتهدئة الأجواء جرت محاولات للتفاوض خلال الأيام الماضية؛ حيث اجتمع المبعوث الإيراني الرئاسي، حسن كاظمي قمي، مع وزير الخارجية الأفغاني، أمير خان متقي، كما اجتمع وفد عسكري إيراني برئاسة مساعد رئيس أركان الجيش، العقيد بهرام حسين مطلق، مع مساعد قائد الجيش الأفغاني، مالي خان صديق، لمناقشة التعاون الحدودي بين البلدين، لكن اندلاع الاشتباكات الحدودية الأخيرة عكر تلك الأجواء، حيث استُخدمت فيها المدفعية والأسلحة الخفيفة والمتوسطة ما زاد من حدة التوتر بين البلدين.
ورغم التصعيد، إلا أن كلا البلدين ليس لهما مصلحة في تحويل الخلاف إلى حرب تستنزف مواردهما وتؤثر على علاقاتهما الاقتصادية؛ فإيران بوابة أفغانستان الغربية لاستيراد السلع من الخليج العربي عبر ميناء بندر عباس، بينما تمثل أفغانستان بالمقابل سوقًا ضخمة للمنتجات الإيرانية بمبيعات تتجاوز 2.3 مليار دولار سنويًا. كما توجد للجانبين مصلحة مشتركة في مواجهة "تنظيم الدولة الإسلامية"، الذي يتخذ من أفغانستان قاعدة لتنفيذ هجمات ضد "طالبان" وضد الأفغان الشيعة الهزارة، فضلًا عن تنفيذه بعض الهجمات داخل إيران، وبالتالي يتوقع احتواء تداعيات الاشتباك الأخير بشكل سريع.