الحدث:
في واقعة نادرة عند الحدود المصرية "الإسرائيلية"، قَتَل مجند مصري ثلاثة جنود "إسرائيليين" بالرصاص، في الثالث من حزيران/ يونيو الجاري، قبل أن يُقتل لاحقًا وفق ما ذكره الجيش "الإسرائيلي". في التفاصيل، عُثر على جندي وجندية مقتولين في موقع عسكري لجيش الاحتلال في ساعة مبكرة من صباح السبت الماضي، بينما قُتل الجندي "الإسرائيلي" الثالث و"المهاجم" في وقت لاحق خلال عملية التمشيط. من جهتهما، جددت السلطات "الإسرائيلية" والمصرية عقب الحادث التأكيد على تعاونهما، وذلك رغم تضارب روايتي الجانبين حول الحادث؛ حيث قال الجيش المصري إن "عنصر أمن" اخترق الحدود عندما كان يُطارد مجموعة من مهرّبي المخدرات ما أدى إلى "تبادل لإطلاق النار"؛ بينما رجحت الرواية "الإسرائيلية" أن الحادث إرهابي نفذه عمدًا المجند المصري الذي وصفه بيان الجيش "الإسرائيلي" بـ"المخرب".
الرأي:
تبدو الرواية "الإسرائيلية" "الأولية" مرجحةً في ضوء الشواهد التي كشفت عنها وسائل إعلام الاحتلال رغم قرار حظر النشر العسكري؛ فقد قالت إذاعة الجيش "الإسرائيلي" إن الجنديين اللذين قتلا أولًا قرب الحدود لم يطلقا النار من أسلحتهما و"يبدو أن منفذ العملية فاجأهما"، مضيفةً أن طائرة مسيرة "رصدت مطلق النار على عمق كيلومتر ونصف داخل الأراضي الإسرائيلية"، حيث تبادل إطلاق النار مع قوات الإسناد التي توجهت للمنطقة وقُتل هو وجندي ثالث خلال الاشتباك، ما يرجح هزلية رواية ملاحقة مجموعات تهريب مخدرات التي صدرت عن الجانب المصري.
بناءً على ذلك، يبدو الطابع المتعمد للحادث مرجحًا وإن كانت الدوافع لا يمكن الجزم بها حتى الآن، لكن الحادثة بالتالي تثير هواجس "الذئاب المنفردة" لدى الجانبين المصري و"الإسرائيلي" على حد سواء، في وقت يتجه فيه الجيشان إلى تعاون أكثر قربًا يشمل إجراء مناورات وتدريبات عسكرية مشتركة، وهو ما دفع الجانبين للتأكيد على التحقيق المشترك في الحادث وخلفياته.
بالمقابل، ليس من المرجّح أن يؤدي الحادث لتوتر أمني على الحدود بين البلدين، أو أن يسفر عن تضرر في العلاقات الأمنية عمومًا. لكن من المتوقع أن تكون "إسرائيل" أكثر حذرًا مجددًا تجاه التعامل مع المجندين المصريين في المنطقة، وأن تزيد من إمكانيات مراقبة الحدود، وهو أمر قد لا يعارضه الجانب المصري.
والأهم من ذلك أن الحادث يعيد التذكير بحدود تأثير العلاقات الأمنية والسياسية بين مصر وحكومة الاحتلال على تقبل الرأي العام المصري للتطبيع ونظرته إلى "إسرائيل" كتهديد. وبالتالي قد يؤدي هذا لإبطاء أو تقنين خطوات توسيع وتطوير التعاون المباشر بين الجيشين، وإبقائه في دوائر كبار المسؤولين والضباط ومجموعات محدودة يسهل التحقق من موقفها.